ممرّ فيلادلفيا يعيد صياغة العلاقة بين مصر وإسرائيل

[ad_1]
571311d5 eca1 4f6e b437 692e27050844

بدأت مصر تتخلى عن هدوئها المعتاد في التعامل مع بعض الملفات الإقليمية، ما يشي بوجود تغير ما في سياستها حيال بعض القضايا الإقليمية، فبعد تبنيها خطابا حادا منحازا إلى الصومال في خلافه مع إثيوبيا، أظهرت حدة مفاجئة في موقفها من إسرائيل وترتيباتها بشأن ممر صلاح الدين (ممر فيلادلفيا) بين سيناء وقطاع غزة.

ويشير وضع القاهرة خطا أحمر جديدا حيال إسرائيل إلى أن الخلافات بينها وبين حكومة بنيامين نتنياهو تصاعدت بشكل قد تصعب السيطرة عليه لاحقا، وأن تباعد الرؤية تجاه التعامل مع تفاصيل ما يجري في غزة حاليا ومستقبلا يمكن أن يتزايد في الأيام المقبلة، فلم تعد عملية التغطية على الخلافات الأمنية والسياسية مجدية.

وأكد رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان أن الفترة الأخيرة شهدت تصريحات لمسؤولين إسرائيليين “تحمل مزاعم وادعاءات باطلة حول وجود عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات والذخائر ومكوناتها، إلى غزة من الأراضي المصرية بعدة طرق، منها أنفاق زعمت هذه التصريحات وجودها بين جانبي الحدود”.

واتخذ تصعيد القاهرة تجاه إسرائيل في أزمة ممر فيلادلفيا بعدا غير مألوف في سياق العلاقات التقليدية بينهما؛ فعلى الرغم من اندلاع الحرب على غزة منذ أكثر من مئة يوم، إلا أنه كان هناك التزام بقدر عال من ضبط النفس في التعاطي مع ارتداداتها العسكرية، وتجنبت مصر الدخول في تراشقات مع مسؤولين إسرائيليين حملت بعض تصريحاتهم اتهامات وانتقادات لتصرفاتها.

وقال الخبير العسكري المصري اللواء سمير فرج إن التوتر بين مصر وإسرائيل وصل إلى مرحلة متقدمة بسبب إصرار نتنياهو على تصدير أزماته إلى القاهرة التي أصبحت “ترد الصاع بشكل فوري، ما يضعه في ورطة، وتخلي مصر عن الهدوء مرتبط بمحاولة جرها إلى المزيد من التحديات، لكنها أعلنت صراحة أنها لن تقف مكتوفة الأيدي”.

وذكر في تصريح خاص بـ”العرب” أن نتنياهو يرغب بشتى السبل في إطالة أمد الحرب، “لأن وقفها يعني انتهاء مشواره السياسي وإيداعه السجن، ويرفض الحلول المطروحة ويبحث عن تصدير مشكلة إلى مصر بادعاء أنها تهرّب السلاح إلى المقاومة ويجب احتلال ممر فيلادلفيا، لكن من المؤكد أن القاهرة لن تسمح بتنفيذ مخططات نتنياهو مهما كانت النتيجة”.

ولفت الخبير العسكري والإستراتيجي، والقريب من النظام المصري، إلى أن “تهديد القاهرة بوجود مخاطر جمّة بشأن اتفاقية كامب ديفيد سيجعل إسرائيل تتراجع خطوات إلى الوراء، لأنها لن تتحمل تبعات انهيار السلام مع مصر”.

وأكد أن إسرائيل مقتنعة بأن “مصر لن تتردد في الحفاظ على أمنها القومي، ولو كلفها ذلك انهيار هذه الاتفاقية، وقد أصبح نتنياهو مقتنعا بأن المزيد من استفزازها يقود عودة معاهدة السلام معها إلى نقطة الصفر ليبدأ خريف جديد من التوتر بين البلدين”.

وخرجت التلميحات المصرية حول إمكانية تضرر اتفاقية السلام مع إسرائيل من إطار الشعبوية السياسية إلى مربع واضح من التحذيرات التي يمكن أن تزعج قيادات إسرائيلية وقوى إقليمية ودولية عدة تسعى للحفاظ على الهدوء بين الجانبين.

واعتبرت القاهرة أن أي تحرك للسيطرة على ممر فيلادلفيا “سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية – الإسرائيلية، فمصر قادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين”.

تصعيد القاهرة تجاه إسرائيل في أزمة ممر فيلادلفيا اتخذ بعدا غير مألوف في سياق العلاقات التقليدية بينهما

وبدأت تصورات إسرائيل للسيطرة على ممر فيلادلفيا تثير قلقا في مصر، حيث جرى تسريب معلومات بشأن تنسيق أمني وعقد اجتماعات لترتيب أوضاع الممر، وهو ما نفته القاهرة، ثم تطور الموقف إلى تحميل القاهرة مسؤولية امتلاك المقاومة في غزة ذخيرة وفيرة من الأسلحة والمعدات واتهام مصر بأنها سمحت بتهريب الذخيرة عبر أراضيها.

وفُسرت هذه الإشارات بأن القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل تريد تبرير طول أمد الحرب على غزة والمطبات التي تواجهها قوات الاحتلال، وأن عدم نفاد ذخيرة المقاومة الفلسطينية يرجع إلى تلقيها مساعدات خارجية سخية.

ويبدو أن تجاهل مصر الرد على الاتهامات وحضّها على عدم زيادة توتير الأجواء شجّعا آخرين على تكرار الاتهامات بهدف إحراجها أمام المجتمع الدولي، لكن ذلك يرفع عن القاهرة عبئا معنويا، حيث جرى التلميح إلى أنها لا تمرر المساعدات من معبر رفح، فكيف تغلقه في وجه الإغاثة وتفتح أنفاقا لتهريب الأسلحة؟

وحمّل محامو إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية مصر مسؤولية عدم دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع لأنها المتحكم فيه، لكن الحالة الميدانية عند معبر رفح كشفت الكثير من الشواهد العكسية، إذ تتكدس الشاحنات هناك، وكان بعض مسؤولي الأمم المتحدة ومنظمات دولية عديدة رأوا بأنفسهم تعنت إسرائيل وممانعتها في دخول الشاحنات.

وضع القاهرة خطا أحمر جديدا حيال إسرائيل يشير إلى أن الخلافات بينها وبين حكومة بنيامين نتنياهو تصاعدت بشكل قد تصعب السيطرة عليه لاحقا

وخرجت مصر عن دبلوماسيتها المتعارف عليها عندما صوبت اتهامات مباشرة إلى أجهزة الأمن في إسرائيل، وقالت القاهرة إنها حصلت على معلومات توضح أن أغلب عمليات تهريب الأسلحة الثقيلة إلى غزة تتم عبر البحر المتوسط، وتسيطرعلى شواطئه مع غزة بصورة تامة القوات الإسرائيلية البحرية والجوية.

والاثنين أشار بيان صادر عن هيئة الاستعلامات إلى أن في جيش إسرائيل وأجهزتها وقطاعات مجتمعها متورطين في تهريب الأسلحة إلى غزة بهدف التربح، وطالب البيان حكومة إسرائيل بإجراء تحقيقات جادة للبحث عن المسؤولين الحقيقيين.

وكما حددت القاهرة خطا أحمر في ليبيا حيال أي تقدم عسكري نحو شرق ليبيا، ومع إثيوبيا حال اعتدائها على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، حددته مع إسرائيل.

وأوضح ضياء رشوان في بيان مطول نشرته هيئة الاستعلامات على موقعها أن “الخط الأحمر في ممر فيلادلفيا ينضم إلى سابقه الذي أعلن بشأن الرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين قسرا أو طوعا إلى سيناء، وهو ما لن يسمح لإسرائيل بتخطيه”.

ويقول متابعون إن القاهرة غير مرتاحة لاستمرار حكومة نتنياهو على هذا المنوال من المضايقات، واتجهت إلى إعادة صياغة العلاقات معها، بما يتواءم مع تصرفاتها في الحرب على غزة واليوم التالي لوقفها، كي تمنعها من التمادي في إحراجها.

ويضيف المتابعون أن الفترة المقبلة قد تشهد المزيد من التوترات، لأن الخيارات المتاحة أمام حكومة الحرب تتقلص، ما يدفع نتنياهو نحو الهروب إلى إحدى الجبهات الخارجية وصناعة أزمة ربما تطيل عمره السياسي، ولذلك كان الرد المصري حاسما لمنع فرض أمر واقع في ممر فيلادلفيا.

[ad_2]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى