الوفاء والمواقف الخالدة

مقال رأي/الدستور الإخبارية/خاص:

🖋مقالــ / علي المسقعي

 

الحياة مليئة بالتجارب والمواقف التي تمر علينا بحلوها ومرّها، بعذاباتها وأفراحها، بتحدياتها وانتصاراتها. ومع مرور الوقت، قد تُنسى الكثير من التفاصيل، ولكن يبقى شيء واحد عصيًا على النسيان، محفورًا في ذاكرة الزمن: مواقف الرجال. تلك المواقف التي تُظهر المعدن الحقيقي للإنسان، والتي تظل دينًا في أعناق كل من يقدر قيمتها ويحترم أصحابها.

اليوم، وفي زمن كثرت فيه الأنانية وتراجعت القيم الإنسانية، نرى الكثيرين وقد تجردوا من ضمائرهم. أصبحوا لا يبالون إلا بمصالحهم الشخصية، متجاهلين من وقفوا بجانبهم في أصعب الظروف، وشاركوا معهم لقمة العيش في أيام الحاجة، وغطّوا أجسادهم العارية بسماء المحبة والأخوة.

ورغم ظلام الواقع الذي نعيشه، وسط قساوة الحياة وشدة التحديات اليومية، لا يزال هناك من هم كالمصابيح التي تُضيء لنا الطريق. هؤلاء الذين بفضلهم نرى الأمل في أحلك اللحظات، ونؤمن أن الخير لم ينقطع من الدنيا، وأنه كما قال الله تعالى: “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا”. هؤلاء القناديل المضيئة يبعثون فينا يقينًا بأن الخير سيبقى ما دام هناك أوفياء يزرعون النور في ظلمة الحياة.

إقرأ أيضًا: السلام في غزة: معادلة لا تناسب طموحات الحوثيين

لهم نقول: كثر الله من أمثالكم، ورفع شأنكم في الدنيا والآخرة. أنتم المثال الحي للوفاء، والعون الذي لا ينضب، والمصدر الذي ينهل منه المخلصون معنى العطاء والإخلاص.

أما أولئك الذين أداروا ظهورهم، وتنكروا لأيام الشدة، ونسوا من كانوا لهم يومًا سندًا وعونًا، فندعوهم أن يتذكروا أن الأيام دُوَل، وأن الحال لا يدوم. سيأتي يومٌ يبحثون فيه عن الأوفياء، فلا يجدون أحدًا يمد لهم يد السلام أو يعينهم. وقتها سيدركون أن المال والجاه زائل، ولن يبقى إلا الأثر الطيب والسمعة العطرة.

وفي النهاية، سيبقى التاريخ شاهدًا على المواقف، وسيميز بين من باع ومن وفى، بين من خذل ومن وقف، وبين من انحنى للمال والسلطة ومن رفع رأسه عاليًا بثبات المبادئ وشرف الأخلاق. فالرجال مواقف، والأوفياء سيظلون أعمدة النور في ظلام الحياة.

مطاعم ومطابخ الطويل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى