هل انتصر حزب الله؟

لبنان/الدستور الاخبارية/متابعات خاصة

 

بعد انتهاء الحرب، اشتدت المعارك الكلامية على منصات التواصل الاجتماعي بين أنصار “حزب الله” وخصومه، حيث تبادل الطرفان الاتهامات حول النتيجة: هل كان الحزب منتصرًا أم مهزومًا؟ بيانه الأخير بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار كان نقطة انطلاق جديدة للنقاش، إذ أعلن الشيخ نعيم قاسم أن انتصار عام 2024 يفوق انتصار 2006، وهو ما اعتبره البعض مبالغة شديدة.

المعيار الأساسي لقياس النصر أو الهزيمة هو مدى تحقيق الأهداف التي من أجلها قامت الحرب. فحتى في حال خسارة الأراضي والأرواح، لا يعني ذلك بالضرورة هزيمة إذا تم الصمود، لكن الصمود وحده لا يعد انتصارًا ما لم يترجم إلى نتائج سياسية.

كان “حزب الله” قد أعلن أهدافه بوضوح منذ البداية، أبرزها دعم المقاومة الفلسطينية، ومنع هزيمة “حماس” في غزة، وردع العدو الصهيوني عن استهداف لبنان. وقد حقق الحزب ضربات مؤلمة للكيان الصهيوني، وكان صموده في المعركة البرية مثالاً على مقاومة استثنائية، ولكن على الرغم من ذلك، لا يمكن القول إن الاتفاق على وقف إطلاق النار كان تحقيقًا لتلك الأهداف.

ففي عام 2006، كان القرار الأممي 1701 قد فرض انسحابًا إسرائيليًا من الأراضي التي دخلتها تحت ضغط ضربات المقاومة، دون الإشارة إلى نزع سلاح “حزب الله”. أما اليوم، فقد أُعلن عن اتفاق بين الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية برعاية أمريكية، والذي يضع آلية لنزع سلاح “حزب الله” تحت إشراف أميركي، في خطوة تثير القلق بشأن مستقبل المقاومة.

الاتفاق الذي يُعتبر نصرًا من بعض الأطراف، يشمل أيضًا ضمانات أميركية لإسرائيل بمنع إعادة تسليح “حزب الله” وقطع طرق الإمداد التي كانت مفتوحة للحزب طوال العقدين الماضيين. في هذه الأجواء، يواجه “حزب الله” لحظة حاسمة للاعتراف بالواقع، وإلا سيجد نفسه في وضع بالغ الصعوبة، فالتغافل عن هذه الحقائق قد تكون عواقبه وخيمة.

التصريحات والشعارات لا تقدم شيئًا في ظل هذه اللحظة الحرجة، فإما أن يقف “حزب الله” وقفة جادة مع نفسه ومع القوى السياسية اللبنانية، وإما أن يواصل الانحدار نحو مزيد من الخسارة. الاصطفاف الوطني داخل لبنان هو السبيل الوحيد لمواجهة المشروع الأميركي – الإسرائيلي الذي يسعى لتنفيذ خطط جديدة على حساب الأراضي اللبنانية والفلسطينية.

اللحظة الراهنة تتطلب قيادة سياسية قادرة على إدارة التحديات الكبرى المقبلة، وتحقيق مكاسب من خلال الاتفاقات الحالية، بدلاً من الاستسلام لما يريده العدو. الوعي بالحقائق والابتعاد عن الإنكار والتعامي هو السبيل الأوحد للحفاظ على مصالح لبنان، والمقاومة، ومنع الهزيمة الحقيقية.

 

مطاعم ومطابخ الطويل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى