نتيجة مباشرة للقمع والاجرام الحوثي .. “الموت المفاجئ” يخيم على اليمن: معاناة موظفي الدولة تحت وطأة الحوثيين
[ad_1]
#صحيفة الدستور الإخبارية – تقرير : وليد محمد
في أرض اليمن، حيث تتجذر التاريخ والحضارة، يعيش الشعب اليمني اليوم تحت وطأة الأزمات والمعاناة؛ “الموت المفاجئ” ليس مجرد ظاهرة، بل هو نتيجة مباشرة للقمع والإجرام الذي تمارسه مليشيا الحوثي الإرهابية؛ يتناول هذا التقرير الواقع المرير الذي يواجهه موظفو الدولة والمدنيون في ظل حكم الحوثيين، حيث تتلاشى الحقوق وتُسلب الحريات وتُقمع الأصوات.
“الموت المفاجئ” بات مصيرًا محتومًا للعديد من موظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي؛ غالبًا ما يُعزى سبب هذا الموت إلى جلطات دماغية وسكتات قلبية ناجمة عن الضغوط النفسية والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
في حادثة مؤسفة، توفي معلم بعد سقوطه مغشيًا عليه داخل مركز طبي جنوب العاصمة صنعاء، وهي المدينة التي تعاني من تزايد حالات “الموت المفاجئ”.
مصادر محلية في صنعاء أفادت بأن المعلم أمين عبده محسن الفقية، الذي يعمل في مدرسة “صفية بنت عبدالمطلب” الحكومية بمديرية السبعين، قد توفي مطلع الشهر الجاري إثر أزمة صحية مفاجئة بمركز طبي في حي دار سلم.
تم تداول مقطع مصور للمعلم وهو يسقط مغشيًا على الأرض داخل المركز الطبي، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، من قبل ناشطين يمنيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
آلاف المعلمين، مثلهم مثل باقي موظفي الدولة، يشكون من عدم قدرتهم على توفير القوت اليومي لهم ولعائلاتهم، خاصة أن الغالبية لا تملك مصدر دخل آخر في بلد يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقًا للأمم المتحدة، نتيجة حرب مستمرة منذ تسع سنوات.
المعلم أمين هو واحد من آلاف اليمنيين الذين أصيبوا بذبحات صدرية وجلطات دماغية، والتي أدت إلى وفاة المئات خلال الأشهر الماضية، بينما يعاني آخرون من أمراض نفسية وعقلية وجسدية، ممزوجة بمرارة العجز عن العلاج نظرًا للظروف الصعبة والخلافات الأسرية.
لا يمر يوم دون تسجيل وفيات، وصور المتوفين المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لأرباب الأسر من الكبار والشبان، والتعازي المتبادلة بكثرة، كلها مشاهد يومية كافية لتحفز “سلطة الأمر الواقع الحوثية” على التعامل مع حاجات الناس بمسؤولية وإنسانية؛ لكن يبدو أن زعيمها عبدالملك الحوثي يسير على خطى جده الإمام يحيى حميد الدين، الذي شهدت عهده مجاعة كبرى في اليمن عام 1943م.
المصادر التاريخية تشير إلى أن الناس كانوا يتساقطون في الطرقات بالآلاف من شدة الجوع، على الرغم من امتلاء مخازن “بيت المال” بملايين الأطنان من الحبوب؛ وكان الناس يتوافدون على الإمام يحيى في صنعاء علهم يجدون ما يسد رمقهم، لكن قلب الإمام لم يلن.
علماء ووجهاء صنعاء اجتمعوا آنذاك وقدموا عريضة للإمام يتوسلون فيها بمضاعفة الإنتاج في (فرن الكدم) وإعطاء كل وافد ومحتاج حبتي “كدم” يوميًا، لكن الإمام رد بسخرية على ظهر العريضة نفسها: “أحسنتم بالرأي، ولكن ما يكفي الخلق إلا الخالق، دعوهم فمن عاش منهم فهو عتيق، ومن مات فهو شهيد”.
أطباء في صنعاء أكدوا لمحرر “الساحل الغربي” أن ما بين أربع إلى تسع حالات وفاة كحد أدنى تحدث بشكل مفاجئ وشبه يومي، وسط تكتم شديد من السلطات الخاضعة للحوثيين، مما يشكل تهديدًا على الفئات الضعيفة من السكان.
وفي ظل النظام الصحي المتدهور، يعجز الأطباء عن تشخيص أسباب الوفاة الحقيقية لـ “الموت المفاجئ”، فيلجؤون إلى تشخيص الوفاة إما نتيجة جلطات قلبية أو سكتات دماغية، ويتخذون الإجراءات الاعتيادية لتسليم الضحايا إلى ذويهم.
شهدت المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين ارتفاعًا في نسبة حالات الوفاة المفاجئة، والتي يُعزى الكثير منها إلى الجوع والحاجة والظلم والاضطهاد، وفقًا لما ذكره الأطباء والسكان؛ ومع ذلك، يصعب تحديد العدد الدقيق للوفيات دون الاعتماد على شهادات السكان.
أفاد أحد العاملين في مستشفى الثورة الحكومي، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، بأن المستشفى يستقبل يوميًا ما بين أربع إلى خمس حالات وفاة “موت مفاجئ”، معظمهم رجال في منتصف العمر، أرباب أسر في الأربعينيات والخمسينيات من العمر.
وأضاف أن المستشفيات الحكومية ترفض استقبال العديد من الحالات، مما يضطر المرضى للتوجه إلى المستشفيات الخاصة، التي تفرض تكاليف مادية باهظة، مما يزيد الأعباء على المرضى؛ كما ترفض هذه المستشفيات استقبال المرضى المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا.
تتبع السلطات الصحية الحوثية سياسة حجب البيانات عن حالات “الموت المفاجئ” وترفض ذكر إحصائيات عنها أو اتخاذ التدابير اللازمة للحد منها؛ وقد زادت هذه الحالات بسبب حاجة نحو 80% من السكان للمساعدات المعيشية، الغذائية والطبية.
يعيش الآلاف من التربويين والمعلمين أوضاعًا مأساوية وواقعًا مرعبًا، مثلهم مثل مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، نتيجة امتناعها عن صرف المرتبات لأكثر من ثماني سنوات؛ في الوقت نفسه، تتحكم المليشيا بإيرادات مهولة ومضاعفة في هذه المناطق، وتفرض جبايات على المنشآت والمؤسسات والتجار.
لقد كان الصمود والشجاعة عنوانًا للشعب اليمني في مواجهة الاضطهاد، حاملين على أكتافهم أملًا لا يخبو في غدٍ أفضل؛ والآن، مع بداية العام العاشر للصراع، يزداد هذا الأمل إشراقًا، مع تنامي الرغبة في إيجاد حل يضع حدًا لسنوات الألم والمعاناة؛ ينظر الشعب اليمني إلى الأمام بعيون مفعمة بالأمل، متطلعين إلى مستقبل يعمه العدل والسلام، حيث تُسترد الحقوق المغتصبة وتُرسى دعائم مستقبل مزدهر يليق بتاريخ اليمن الغني وتضحيات أبنائه؛ إن الأمل في الخروج من هذا النفق المظلم يتجاوز كونه حلمًا؛ إنه بصيص نور يلوح في الأفق، يحث اليمنيين على السير قدمًا نحو السلام والازدهار، ويبقى الأمل متجددًا في أن يأتي العام العاشر بحل ينهي هذه المعاناة ويفتح الباب لغدٍ أكثر إشراقًا.