مصر تتخلى عن هدوئها مع إثيوبيا بسبب الصومال

[ad_1]
04f1cd09 647a 487a b78b 77171969569f

تخلت مصر عن قدر من هدوئها السياسي في التعامل مع إثيوبيا بشأن بعض القضايا الإقليمية بعد توقيع الأخيرة على مذكرة تفاهم مع “جمهورية أرض الصومال” تحصل بموجبها على منفذ يصلها بالبحر الأحمر.

وجاءت زيارة رئيس الصومال حسن شيخ محمود إلى القاهرة السبت لتوحي أن مصر عازمة على توفير دعم يساعدها على الصمود لرفض المذكرة، بعد أن أرسلت إلى مقديشو وفدا رفيع المستوى مؤخرا، وتبنت مواقف عدة، وكلها لا تؤيد التوجه الإثيوبي.

وقال سفير الصومال لدى مصر إلياس شيخ عمر أبوبكر السبت إن زيارة رئيس بلاده من شأنها أن تدفع قدما بمسار العلاقات بين البلدين في كافة المجالات، وأتت في توقيت شديد الحساسية لما يواجهه الصومال من تحديات تمس سيادته الإقليمية.

أماني الطويل: مصر لن تستمر طويلا في التمسك بهدوئها المعتاد

وتشجع القاهرة الصومال الجريح على مواجهة إثيوبيا على أمل عدم تحويل المذكرة مع أرض الصومال إلى اتفاق رسمي يتم تطبيقه على الأرض مستقبلا، ويجد تفاعلا إيجابيا من قبل قوى إقليمية ودولية تعتقد في حق إثيوبيا الحصول على نافذة بحرية لها، تنهي وضعها كدولة حبيسة بعد انفصال إريتريا عنها.

ووجد الرئيس الصومالي في الدعم السياسي المصري المتلاحق وسيلة قد تمكنه من مجابهة حزام المشاكل الذي يواجهه في الداخل، ولذلك بدأت بلاده تصعّد لهجة الخطاب ضد إثيوبيا وتصوير طموحاتها على أنها خطر على الأمن والاستقرار في منطقة تعاني منذ سنوات من صراعات ونزاعات وتوترات، وهو ما ينسجم مع رؤية القاهرة التي تريد نقل انطباع بأن أديس أبابا باتت عنصرا مشاغبا.

ودعا حسن شيخ محمود الجمعة قادة دول عدم الانحياز في اجتماعهم بكمبالا لرفض إجراءات إثيوبيا “أحادية الجانب”، واعتبرها “تشكل تهديدا لأمن المنطقة واستقرارها”.

والتقى وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال المشاركة في قمة عدم الانحياز مع القائم بأعمال وزير خارجية الصومال علي محمد عمر، وكرر عليه تضامن مصر مع بلاده ضد أيّ محاولات لانتهاك سيادتها وسلامة أراضيها.

ولم تفض التحركات المصرية على أكثر من مستوى إلى نتائج ملموسة يمكن القول إنها ستوقف مذكرة التفاهم، بل زادت إثيوبيا تمسكا بها عقب تيقنها من عدم وجود تأييد عملي يدعم موقف مصر والصومال على الضفة الشرقية للبحر الأحمر.

وتخشى القاهرة أن تملك إثيوبيا ورقة جديدة بحصولها على قاعدة عسكرية في البحر الأحمر تتحول إلى تهديد أمني مباشر لها، في وقت تعاني فيه مصر من تداعيات التوتر عند مضيق باب المندب وخليج عدن وتأثيره على الملاحة في قناة السويس، والذي خلقته جماعة الحوثي في اليمن والرد على تهديداتها من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا.

◙ القاهرة تخشى أن تملك أديس أبابا ورقة جديدة بحصولها على قاعدة عسكرية تتحول إلى تهديد أمني مباشر لها

ويقول متابعون إن تخلي القاهرة عن هدوئها في التعاطي مع بعض القضايا الإقليمية، ومع إثيوبيا تحديدا، يعود إلى الفجوة التي عززتها فترة المفاوضات الطويلة بينهما حول سد النهضة بلا طائل، فالقاهرة لا تريد أن تجد نفسها أمام سيناريو آخر يفرض عليها أمرا واقعا يتحوّل إلى نموذج تتبعه بعض الدول في إدارة خلافاتها معها.

ويشير هؤلاء المتابعون إلى أن مصر لا تملك رفاهية الدخول مباشرة في مواجهة مع إثيوبيا بسبب أزماتها الاقتصادية المتفاقمة، ووجدت في استعداد الرئيس الصومالي لخوض معركة سياسية ممتدة، قد تأخذ شكلا عسكريا بعد تصعيد خطابه الرسمي، مدخلا لممارسة ضغوط متعددة على أديس أبابا التي تعتبر الوصول إلى البحر الأحمر موقفا إستراتيجيا باستطاعتها تمريره إقليميا، حيث تعيش أرض الصومال استقلالا ذاتيا معترفا به منذ سنوات طويلة، ويتم التعامل معها كدولة شبه مستقلة.

وقالت الباحثة المتخصصة في الشؤون الأفريقية أماني الطويل إن انزعاج مصر من مذكرة التفاهم ينبع من اعتراف إثيوبيا (ضمنيا) بأرض الصومال، والشعور بأن أديس أبابا تستخدم أدوات ناعمة بشكل ينطوي على خشونة معها، وهذا يؤثر على المصالح المصرية في المنطقة، حيث تبدو إثيوبيا تتبنى خطوات تبدو عدائية.

وذكرت لـ”العرب” أن مصر لن تستمر طويلا في التمسك بهدوئها المعتاد، وقد تتبنى مواقف للتخلي عن ذلك، لأن الاعتراف بأرض الصومال إجراء غير مسبوق دوليا، ويتعارض مع المصالح المصرية، وغير مستبعد تشكيل تحالفات لإجهاض خطة أديس أبابا، لأن القاهرة ترى أن ما يحدث اختراق للقانون الدولي، وسوف يؤثر بشكل سلبي على الاستقرار في المنطقة، ويوقظ نعرات مكتومة بين الصومال وإثيوبيا.

وأشارت الطويل إلى أن الموقف المصري حتى الآن ينسجم مع توجهات بعض القوى الرافضة لتوسيع مساحة التوترات في القرن الأفريقي، وتعوّل القاهرة على موقف إريتريا وجيبوتي لتقويض اتفاق قد يؤدي إلى مواجهة بين الصومال وإثيوبيا.

أحمد أبوالغيط: مذكرة التفاهم انقلاب صارخ على الثوابت العربية والأفريقية والدولية

وبدأت تداعيات الأزمة تشق طريقها لتخريب بعض التفاهمات والاتفاقيات السابقة، بما يجعلها عرضة للخروج عن السيطرة لاحقا، إذ اتهمت أرض الصومال الخميس مقديشو بـ”التخلي عمدا عن الاتفاقات الموقعة معها”، بعد إعلان هيئة الطيران المدني الصومالية رد طائرتين متوجهتين إلى أرض الصومال.

واستضافت أوغندا قمة طارئة لدول هيئة التنمية الحكومية بشرق أفريقيا (إيغاد) ناقشت الأزمة بين الصومال وإثيوبيا والتي نشبت بسبب توقيع مذكرة التفاهم مع أرض الصومال.

وقالت وزارة الخارجية الصومالية الخميس “لا مجال للوساطة ما لم تنسحب إثيوبيا من مذكرة التفاهم غير القانونية وتعيد التأكيد على سيادة الصومال ووحدة أراضيه”.

وحذر سامح شكري في اجتماع طارئ لدعم الصومال بالجامعة العربية الأربعاء من مغبة ما أسماه “سياسات إثيوبيا المخالفة لقواعد القانون الدولي، ومبادئ حسن الجوار، وفرض الأمر الواقع دون اكتراث بمصالح الحكومات والشعوب الأفريقية”.

وأكد أمين عام الجامعة العربية أحمد أبوالغيط أن مذكرة التفاهم “انقلاب صارخ على الثوابت العربية والأفريقية والدولية، ومخالفة واضحة للقانون الدولي”، وأن الاجتماع رسالة تضامن للصومال وتأكيد على سيادته على كافة أراضيه.

ورفضت إثيوبيا بشكل قاطع هذه المواقف، واتهمت الجامعة العربية بمحاولة التدخل في شؤونها الداخلية وسيادتها، مشددة على أنها تتمتع بعلاقات ثنائية “ممتازة” مع دول عربية عدة، وأن الجامعة “تخدم مصالح القليل منها”.

ووقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع “جمهورية أرض الصومال” في بداية يناير الجاري، تحصل بموجبها على تأجير ميناء يصلها بالبحر الأحمر، وبناء قاعدة عسكرية.

[ad_2]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى