أبوجهل وتجارة الدماء وصناعة الأزمات من طهران
[ad_1]
لا يزال أبوجهل في طهران يصر متبجحاً ومعلناً أن عملية خراب الأقصى (طوفان الأقصى) هي عملية انتقامية لمهلك الورقة المحترقة قاسم سليماني في إطار عملية من العربدة الإعلامية المتصاعدة دون أدنى حياءٍ أو خجل.
القصة وما فيها هي أن فصائل فلسطينية موالية لملالي إيران شنت هجوما في 7 أكتوبر 2023 على الاحتلال الإسرائيلي أسفرت عن مقتل المئات من الأشخاص، وأطلقوا على هذا الهجوم اسم “طوفان الأقصى” معلنين أنه يأتي رداً على تصاعد التوترات في المسجد الأقصى، وأيضاً على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وأن “عملية طوفان الأقصى” هي نتاج طبيعي للاحتلال الإسرائيلي المستمر وجرائمه ضد شعبنا ومقدساتنا والتعدي على المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية.
في حينها برأت أمريكا والغرب ومؤسسات دراسات أمنية تابعة للاحتلال الاسرائيلي نظام الملالي من التورط في هذه العملية على الرغم من أن إبراهيم رئيسي رئيس جمهورية الملالي كان من أول تواصلوا لتفقد أخبار العملية التي قال عنها البعض أنها من الألف إلى الياء تعود لحرس الملالي المسمى بالحرس الثوري، وخرج خامنئي وجنوده في حينها وبعدها يتبرؤون من العملية ويحملون الفصائل الفلسطينية مسؤوليتها، وكفوا أيديهم وأيدي عمالهم في العراق ولبنان وسوريا عن المشاركة في أي عمل داعم لتلك الفصائل بعد أن وعدوهم بالدعم والاسناد.. وبصريح العبارة غرروا بهم وتركوهم في جحيم المواجهة بمفردهم غير آبهين بطفل أو إمرأة أو ما تتعرض له غزة من إبادة جماعية سافرة قائلين.. وماذا إذا ضحى الفلسطينيين وقد تعودوا على ذلك، وعلى الرغم من نفيهم وتبرأهم وعدم جرأتهم على الإعلان وتحمل المسؤولية إلا أن لحن قولهم يشير تصريحا وتلميحا بأن العملية لهم والكل يعلم ذلك بمن فيهم الأمريكان والأوروبيين وسلطات الاحتلال الإسرائيلي وحتى العرب ولكن القول الفصل بالبراءة كان للأمريكان ولا مرد لقولهم.
في يناير عام ٢٠٢٠ اغتال الأمريكان قاسم سليماني قائد قوة القدس الإرهابية التابعة لقوات حرس نظام الملالي في بضربة جوية أمريكية، وقد اعتاد الملالي والنظام السوري على تلقي مثل هذه وتقبلها والرد عليها ببعض التصريحات.. فلما وجدوا من يرد عنهم بالوكالة كان من الصعب عليهم السكوت وعدم اغتنام هذه الفرصة فأطلقوا ألسنتهم وقالوا نحن من فعل هذا انتقاما لمهلك قاسم سليماني، ونحن أرباب النعم ونحن من علم الثوار على الثورة إلى أخر نحن في قاموس اللغة وكأنما الفلسطينيين قد وولدوا بالأمس وأن لم يكونوا يعلموا شيئا عن الفكر الثوري المقاوم إلا بعد استيلاء الملالي على السلطة في إيران بعد سنة ١٩٧٩، وأعتقد أنه كان في إعلانهم هذا الخروج عن أمر الآمر بعدم الإعلان.. وما أن أعلنوا ذلك حتى تلقوا ضربة تأديبية كبيرة في سوريا.
وكان الحرسي العميد رمضان شريف قد قال إن العملية “جزء من الانتقام لاغتيال الشهيد سليماني، كما أعلن قائد قوات حرس نظام الملالي حسين سلامي أن “طوفان الأقصى” كان “رد فعل طبيعي على اغتيال سليماني”.
هل تسعى إيران إلى مواجهة القوى العظمي تاركة الدول العادية فريسة لعصاباتهم المسلحة؟
ليس من السهل الإجابة على هكذا سؤال وذلك لأن هناك العديد من العوامل التي تؤثر على سياسة ملالي إيران الخارجية، فمن ناحية يسعى الملالي إلى بناء قوة إقليمية ويرون أن ذلك ضروري للحفاظ على نظامهم ومصالحهم، ومن ناحية أخرى يدركون أن المواجهة مع القوى العظمى وخاصة الولايات المتحدة يمكن أن تكون نهاية سلطانهم ووجودهم.
في السنوات الأخيرة اتخذ ملالي إيران بعض الخطوات التي يمكن تفسيرها على أنها تحدٍ للقوى العظمى، وعلى سبيل المثال مواصلة الملالي تطوير برنامجهم النووي والصاروخي وتوسيع نطاق نفوذهم العسكري في المنطقة، كما يشاركون إيران في أنشطة عسكرية وأمنية في دول أخرى مثل سوريا ولبنان، ومع ذلك من المهم ملاحظة أن نظام الملالي في إيران لم يواجه القوى العظمى بشكل مباشر حتى الآن، ويحرص النظام في الواقع على تجنب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة وذلك لأنه أي النظام يعلم أن ذلك سيكون مدمرا لقدراته وبالتالي نهاية وجوده؛ لذلك من المرجح أن يسعى الملالي إلى تحقيق أهدافهم الإقليمية من خلال السبل الدبلوماسية والوسائل غير العسكرية وصناعة الأزمات ويستمرون في الوقت نفسه بتطوير قدراتهم العسكرية وذلك حفاظاً على نظامهم والنأي به بعيداً عن التدخل في شؤونه.
يقولون عند جُهينة الخبر اليقين وهو ما جاء في افتتاحية منشورة في موقع منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة نقلا عما جاء على لسان قائد الحرس حسين سلامي قوله: “نحن دائما نزيد القوة على افتراض المواجهة مع القوى العظمى في العالم، نحن لسنا في مواجهة مع الدول العادية على الإطلاق”؛ فماذا يعني قول أحد جنود أبوجهلٍ هذا. هل يعني أنهم تركوا الدول العادية لعصاباتهم المسلحة لتُهلِكها.؟ وهل يستطيع أحد من المتضررين أن يجيب عليهم.؟ لا أعتقد ذلك.
الدعاية الاستعراضية الإيرانية ستفضي إلى الإطاحة بنظام الملالي
من الممكن أن تؤدي الدعاية الاستعراضية الإيرانية إلى الإطاحة بنظام الملالي؛ هذه الدعاية التي تركز على إظهار القوة والثروة والإنجازات لدى النظام الإيراني، وتهدف هذه الدعاية إلى تعزيز الدعم للنظام في الداخل والخارج، ومع ذلك فإن هذه الدعاية قد يكون لها تأثير معاكس حيث يمكن أن تؤدي إلى السخط الشعبي خاصة وأن الناس يعرفون بأن النظام يكذب عليهم ويخدعهم وقد فقدوا الأمل ولا يثقون فيه.
كما أن هناك عوامل أخرى يمكن أن تؤثر على استقرار النظام مثل الاقتصاد والسياسة الخارجية ومع ذلك فإن هذه الدعاية يمكن أن تكون عاملاً محفزاً للتغيير في إيران.
بعض الأمثلة على كيفية محاولة الدعاية الاستعراضية للملالي التأثير على الرأي العام:
• في عام 2018 أطلق النظام الإيراني حملة دعائية كبيرة تحت عنوان “إيران القوة العظمى” وتهدف هذه الحملة إلى إظهار قوة الملالي ونفوذهم في العالم، ومع ذلك فقد أدت هذه الحملة أيضا إلى السخط الشعبي حيث يُدرك الشعب أن النظام يخادع بشأن قدراته.
• في عام 2021 أعلن النظام الإيراني عن إطلاق قمر صناعي جديد، وقد تم الترويج لهذا الإنجاز على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإيرانية، ومع ذلك فقد أثار هذا الإعلان أيضا الشكوك إذ يدرك الناس أن النظام يكذب بشأن إنجازاته.
من المرجح أن تستمر الدعاية الاستعراضية مستقبلاً في إيران من منطلق إدراك نظام الملالي أن هذه الدعاية مهمة كمسعى للحفاظ على سلطته ومع ذلك فمن الممكن أن تؤدي هذه الدعاية أيضاً إلى الإطاحة بالنظام في النهاية فنمطية عمل عصابات جاهلية سلطة الملالي هذه مصيرها التعثر والزوال حيث أن مستوى إدراك أفراد الشعب أعلى من مستواهم لكنهم يستمرون بالسلطة بالخداع وقوة السلاح.
وتضيف الإفتتاحية قائلة: مع مرور الوقت وظهور المخاوف داخل النظام من أن نار هذه الحرب ستجتاح النظام بالنهاية إلا أن غبار هذه الدعاية الاستعراضية لم يهدأ، ربما بسبب اشتداد أزمات النظام الواسعة؛ وفي خطاب آخر له تفاخر قائد الحرس بخطاب يلعب على عاطفة الشعب قائلاً: ” نحن مطروحون كقوة عظمى في العالم؛ لا أحد ولا قوة أخرى تجرؤ على مهاجمة هذا الشعب وهذه الأرض؛ انظروا النار تتساقط من حولكم لكن أمتنا هادئة، لماذا؟ ثم يجيب على السؤال قائلاً: “بسبب ” نعمة ولاية خامنئي، وهنا لابد من الجواب على أبوجهل الصغير هذا بأنه من الطبيعي أن يرى في ولاية خامنئي نعمة لأن خامنئي ولي نعمته ويتقاسمون تحت عباءته عباءة الدم الفرائس والغنائم وينتشون على آلام الشعوب وأزماتهم وجوعهم وعطشهم ومن لم يكترث لآلام وجوع وكوارث الشعب الإيراني طيلة أربعة عقود ونصف هل سيكترث لفواجع أهل غزة وعموم فلسطين.. هل سيكترث لكوارث من أستخدمهم ليموتوا من أجل مؤامراته ومخططاته.. أجيبوني هل سيكترث.. لا ولن ومن المستحيل أن يحدث ذلك.. ومن لا يعجبه كلامي أو يرفض بعض ما جاء فيه فلا يصمت وليتكلم للرد على أفاعي ولاية الفقيه في طهران فنحن نكتب لمكافحة سمومهم وجاهليتهم ليس إلا.
أبو جهل في طهران يعد العدة لمسرحية الانتخابات الرئاسية القادمة
ينظم أبوجهل في طهران صفوفه من جديد وينظف أبواقه ويتلطف على حناجرها معدٍ العُدة لمسرحية لإنتخابات الرئاسية القادمة في إيران.
في تقليد متبع منذ عقود بدأ نظام الملالي في إيران الاستعداد لمسرحية الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في يونيو 2024، وكما هو الحال دائماً فإن هذه الانتخابات لن تكون سوى مسرحية شكلية حيث سيُعلن عن فوز مرشح النظام المفضل وسيتم تعيينه كما تم تعيين إبراهيم رئيسي من قبل، وقد بدأ النظام في اتخاذ خطوات لضمان فوز رئيسي في مسرحية الانتخابات المقبلة، وفي البداية قام بتقليص عدد المرشحين المؤهلين للانتخابات إلى 6 أشخاص فقط، وهم جميعاً من المقربين لنظام الملالي، كما قام هذا النظام الفاشي بفرض قيود صارمة على وسائل الإعلام حيث منع المعارضة من الوصول إلى وسائل الإعلام الرئيسية، وكما هو متوقع فإن الانتخابات الرئاسية الإيرانية ستكون مجرد مسرحية شكلية لن تؤدي إلى أي تغيير حقيقي في النظام، وسيبقى نظام الملالي مستمراً في حكم إيران بقبضة من حديد، وسيواصل قمع المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان.
أبو جهل الطهراني الجديد
يُعد إبراهيم رئيسي أحد أبرز رموز القمع في نظام الملالي، وقد شغل منصب الرئيس السابق للسلطة القضائية الإيرانية وهو المسؤول عن إعدام عشرات آلاف المعارضين السياسيين، كما كان من أبرز داعمي الحصار الاقتصادي المفروض على الشعب الإيراني، ويعني فوز رئيسي في الانتخابات الرئاسية استمرار القمع وانتهاك حقوق الإنسان في إيران، كما يعني ذلك استمرار النظام في سياساته المتشددة تجاه العالم الخارجي.
الشعب الإيراني يرفض نظام الملالي
على الرغم من القمع الشديد فإن الشعب الإيراني لا يزال يرفض ويواجه نظام الملالي ثائراً عليه وقد شهدت الانتفاضات المتتالية على ذلك في السنوات الأخيرة، وستستمر هذه الانتفاضات ضد النظام حتى الإطاحة به وإقامة نظام ديمقراطي في إيران.
برأ هذا العالم الكاذب أفعى ولاية الفقيه بالأمس من التورط في عملية خراب الأقصى، ولا يمكن السكوت على عبث الملالي والغرب بشعوب المنطقة بدءاً بالشعب الفلسطيني والشعب الإيراني والعراقي واليمني والسوري واللبناني، وما أكثر ضحايا تلك الإفاعي اللئيمة وما أكثر الذين يستحقون الجلد ممن يعرفون الحقائق ويحرفونها ويشاركون في مآسي هذه الشعوب بشكل مباشر وغير مباشر… فلا تكن من المتفرجين ومهما كانت منافع التواطؤ والسكوت فلن يفارق الشعور بالعار والتدني أفئدة وأذهان الجناة.
السكوت على عبث الملالي والغرب بشعوب المنطقة جريمة لا تغتفر
إن الشعور بالغضب والاستياء من عبث الملالي والغرب بشعوب المنطقة بات شعوراً عاماً فيها، وأعتقد أنه من المهم أن نتحدث عن هذه الانتهاكات وأن نرفع صوتنا ضدها وأن نطالب بتحقيق العدالة للضحايا، وأن نسعى إلى تغيير هذه الأنظمة، وهناك العديد من الطرق التي يمكننا من خلالها التحدث عن هذه الانتهاكات إذ يمكننا الكتابة عنها في وسائل الإعلام أو التحدث عنها في وسائل التواصل الاجتماعي، أو المشاركة في المظاهرات والاحتجاجات، ويمكننا أيضاً دعم المنظمات التي تعمل من أجل حقوق الإنسان في المنطقة بدلاً من الصمت عن هذه الانتهاكات الذي يعد شراكة فيها، وبصمتنا نسمح لهذه الأنظمة بمواصلة ظلم الناس.
معاً يمكننا إحداث الفارق وتحقيق العدالة للضحايا.
أسحقوا أو ساهموا في سحق رأس الأفعى في طهران لينجو الشعب الإيراني وشعوب المنطقة وينجو العالم معها.
د. سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي