«العاصوف» نقلة في الدراما السعودية
[ad_1]
كان من المفترض أن يتحوّل لقاء المخرج ميشال كمون مع الممثلة ريتا حايك فسحة لرأي قد يُعارض الرأي الآخر، لكنهما اتّفقا ولم يختلفا. ضمن «المهرجان الدولي للأفلام القصيرة»، من تنظيم «جامعة سيدة اللويزة»، طُرحت على الضيفَيْن اللبنانيَيْن أسئلة في المهنة وما تحمله لأبنائها من تعب ومتعة.
يُخبران «الشرق الأوسط» عما تطرّقا إليه في جلسة وجهت فيها الممثلة ألين شمعون الأسئلة، قبل طرح الحضور استفسارات منطلقها الفضول والرغبة في المعرفة. وُجِّهت إلى كمون، وهو أيضاً كاتب سيناريو، أسئلة عن معيار انتقاء الممثل، وأهمية تجارب الأداء، ووظيفة المخرج في موقع التصوير. أكثر ما استوقف حايك، وهي ممثلة سينما ومسرح ودراما، الحديث عن انتفاخ البعض وظنّه أنه أكبر من أن يديره مخرج. ترى التواضع منقذ الممثل من الانطفاء.
ميشال كمون ممن يعلون أهمية «الكاستينغ» من ألفه إلى يائه. تعلم ريتا حايك أنّ الأمر حين يتعلّق بالمسلسلات، قلّما يُرتِّب تجارب أداء، إلا في بعض الأدوار الثانوية. تقول: «السينما مسألة أخرى. لا يحق لأي سينمائي رفض تجارب الأداء بذريعة أنّ الـ(إيغو) لا يسمح. في فيلم (البرابرة) للفرنسية جولي دبليه، أجريتُ تجربة أداء أسوة بالجميع. شعرتُ بالاهتمام بي بصفتي إنساناً، وما أحمل للدور والحياة».
«الكاستينغ» شديد الأهمية لدى كمون الشغوف بالعمل مع الممثل: «يجسّد شخصياتي التي حلمتُ بها. أتخيّل الشخصية وأكتبها، فيأتي الممثل لإضفاء روح الفيلم عليها. البحث عن الشخص المناسب للدور يتصدّر اهتماماتي». معادلته: «(الكاستينغ) الصحيح هو نصف العمل المُنجَز كما يجب». توافقه حايك الرأي، وتضيف: «المخرج الواضح يتيح نوعاً من الشعور بالأمان لدى الممثل. جميعنا فاقدو الطمأنينة ونتّسم بالهشاشة. المخرج التائه، ستفلت الأمور من يديه، ويتعامل مع الفريق وفق (فشّات الخلق). مَن يعرف دوره وأدوار الآخرين، يُسهِّل العمل الجماعي».
يُحضّر كمون شخصياته قبل التصوير. لا يحبّذ مضيعة وقت الكاميرا، فالتصوير «هو قطف اللحظة الساحرة، لا تبديدها بتركيب الشخصيات». ويأبى التكرار: «كسْر النمط مهم، فأتفادى زجّ الممثل بدور واحد سبق أن لعبه بنجاح. أمنحه دوراً لم يؤدّه من قبل».
حين اتصل بريتا حايك من أجل دور في فيلم «بيروت هولدم»، تردّدت. على عكسها، كان واثقاً من أنها تناسب الشخصية. عادةُ حايك قراءة السيناريو، فتهجُم بـ«نعم»، أو تتردّد وتطرح الأسئلة. دعاها كمون لاحتساء القهوة، وأقنعها بالدور الجريء. استعاد هذه الحادثة ليسجّل شهادة هي نفسها تقول إنها فاجأتها: «قال إنني موهوبة وذكية، أعلمُ مسار الفيلم وماذا تريد الشخصية. وأضاف أنني أتأقلم مع كل تغيُّر غير مُتوقَّع، وهذا يريحه. كلامه أمام الحضور وسام».
يجاهر كمون بأنه لا يعمل مع أشخاص تنقصهم كيمياء الشراكة. معيار انتقائه الشخصيات: «الموهبة، والأخلاق، والجانب الإنساني المتعلّق في أننا أيضاً بشر. قد يروقنا بعضٌ ولا يروقنا بعضٌ آخر. بنائي (الكاستينغ) وفق هذه المعايير لا يفسح مجالاً للعبة الـ(إيغو)».
تتعمّد حايك التركيز على إشكالية الـ«إيغو»، التي تقول إنها متجذّرة في العالم العربي، بينما تتخذ حيّزاً أقل من سلوكيات نجوم الغرب في مواقع التصوير. خلال النقاش، بُثّ مقطع فيديو يُظهر الممثل الأميركي مورغان فريمان وهو يتحدّث عن دوره في «شارع ذكي» لجيري شاتبيرغ، المخرج والمصوّر الأميركي الحاصل على «أوسكار»، فأشار إلى أنه لم يتلقَّ منه تعليمات، ولم يُوجَّه. نجمٌ آخر هو مارك روفالو في فيلم «قفل الجزيرة» لمارتن سكورسيزي، لم يُوجَّه أيضاً. برأي حايك: «لا قاعدة مطلقة. فريمان ممثل عظيم وشاتبيرغ مخرج عظيم، فلم يَحدُث التوجيه في هذه الحالة. حالات أخرى تقتضي بالضرورة تعليمات المخرج».
لا يوافق ميشال كمون على مبدأ الاستثناء. يشبّه مسار الفيلم بالأوركسترا، «فكيف يمكن لأهم عازف أن يرفض وجود المايسترو؟». يقول: «الآلات تمنح العالم أجمل النغم. لكنها بحاجة إلى يد عازفة. كل ممثل لا بدّ أن يُدار، تماماً مثل الآلات والأوركسترا. هل يمكن أن يرفض آل باتشينو أو روبرت دنيرو دور المخرج؟ لا مجال على الإطلاق للاستهانة بأهمية إدارة الممثل».
سُئلت ريتا حايك: ما الذي يجعلكِ ممثلة جيدة؟ «الحياة والخبرة والنضج. كل ما نمرّ به يغذّي النظرة والرؤية». وأُرفق السؤال بآخر في السياق عينه: لكن ماذا عن الأطفال؟ بعضهم يتألق من دون أن تخوّله سنّه اكتساب خبرة. ردُّها: «الطفل مقلّد بارع. يراقب ويعيد ما يراه على طريقته. فإن تحلّى بموهبة لَمَع بالفطرة. أعلم ذلك من طفلي. لم يبلغ سنواته الخمس بعد، ويذهلني بكيفية التقاط الصور من حوله، وإعادة تقديمها وفق رؤيته الفنية البريئة».
سألتها ألين شمعون عن تأثّرها بالدور ومدى بقائه فيها؟ لا بدّ أنه يترك ظلاله على يومياتها، وتشعر أحياناً أنها تتكلّم بصوت الشخصية، لكنها لا تتيح لها السيطرة على حياتها، أو إدخالها في عزلة. تختار 4 مخرجين تحلم بالعمل معهم: كوانتين تارنتينو بالمرتبة الأولى، ثم وودي ألن؛ تليه جولي دبليه للمرة الثانية، وغريتا غيرويغ، مُقدِّمة «باربي» برؤية «نسوية».