وثائق استخباراتية مسرّبة تكشف .. كيف تحوّلت سوريا إلى شبكة تجسس داخلية تحت حكم الأسد؟
الدستور الاخبارية/متابعات خاصة
![وثائق استخباراتية مسرّبة تكشف .. كيف تحوّلت سوريا إلى شبكة تجسس داخلية تحت حكم الأسد؟ 1 9f35823b 7758 46a2 bd49 ed9bef692935](https://al-dstoor.com/wp-content/uploads/2024/12/9f35823b-7758-46a2-bd49-ed9bef692935.jpg)
كشفت صحيفة صنداي تايمز البريطانية عن وثائق استخباراتية حصلت عليها بعد السماح لمقاتلي “هيئة تحرير الشام” لها بالوصول إلى أربعة فروع أمنية في مدينة حمص. التقرير الذي نشرته الصحيفة، اليوم الأحد، يسلط الضوء على ممارسات أجهزة الاستخبارات السورية، حيث يكشف عن أن السوريين كانوا يُجبرون على التجسس على بعضهم البعض، من أفراد عائلاتهم إلى أصدقائهم وجيرانهم.
تفاصيل مذهلة عن التجسس والقمع
من بين آلاف الصفحات التي حللتها الصحيفة، تبين كيف أجبرت أجهزة الاستخبارات السوريين، بوسائل الإغراء أو التهديد، على تقديم معلومات عن معارفهم. كما اخترقت تلك الأجهزة هواتف المشتبه بهم، وراقبت حتى أدق تفاصيل حياتهم الشخصية، بما في ذلك علاقاتهم العاطفية. أطفال في سن 12 عامًا تم اتهامهم بـ”إهانة” النظام، فيما كان المعلمون يبلغون عن تلاميذهم، والأقارب يخونون بعضهم البعض تحت ضغوط أمنية.
الصحيفة أشارت إلى أن الوثائق تكشف عن أوجه تشابه بين ممارسات استخبارات النظام السوري وجهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية السابق (ستاسي). كانت مجرد شكوك بسيطة كفيلة بسجن وتعذيب أبرياء، وحتى الأطفال، وإعدامهم في أسوأ الظروف.
شبكة واسعة من المخبرين وممارسات مروعة
أظهرت الوثائق أيضًا أن النظام تسلل إلى صفوف المعارضين منذ انطلاق الثورة في 2011، وأن أجهزة الاستخبارات تنافست فيما بينها للحصول على أفضل المخبرين. كما أجبر المعتقلون تحت التعذيب على الإدلاء بأسماء متعاونين مزعومين.
الصحيفة أشارت إلى أن الأجهزة الأمنية كانت مليئة بالشكوك تجاه بعضها البعض، حيث كان الجواسيس يتجسسون حتى على زملائهم. وأوضحت الوثائق كيف تم استجواب أطفال بتهم عدم الولاء للنظام، بينما سجلت الاستخبارات علاقات المشتبه بهم العاطفية والمراهقة.
جهود لإخفاء الأدلة ومعركة للوصول إلى الوثائق
قبل سقوط حمص، حاولت الأجهزة الأمنية إتلاف السجلات والوثائق عبر إحراقها. إلا أن الفوضى وسرعة الأحداث تركت عشرات الآلاف من الوثائق سليمة. وعلى الرغم من محاولات النظام طمس الأدلة، فإن مقاتلي المعارضة تمكنوا من إنقاذ بعضها.
الصحيفة تحدثت عن زنزانات تم إفراغها حديثًا، وأخرى تُركت كما هي بعد فرار ضباط النظام. وبين الوثائق، كانت هناك تفاصيل عن استخدام أساليب التعذيب الوحشية، بما في ذلك الصعق الكهربائي، حيث أشار معتقل سابق، رشيد الأبرش، إلى أدوات استخدمت في تعذيب السجناء.
قضية صبي مزّق صورة للرئيس
من بين القصص التي وثقتها الصحيفة، قصة طفل عمره 12 عامًا تم اعتقاله لتمزيقه ورقة تحمل صورة الرئيس. رغم شهادة المعلم بحسن أخلاقه، أُرسل الطفل للمحاكمة بعد تحقيق استمر أربعة أيام.
مخاطر مزدوجة للمخبرين
الوثائق أظهرت أن المخبرين لم يكونوا في مأمن أيضًا. فمن جانب، كانوا مهددين من النظام نفسه إذا ثارت الشكوك حول ولائهم، ومن جانب آخر، تعرضوا لخطر التصفية من قِبل المعارضة المسلحة إذا تم اكتشافهم.
في إحدى الحوادث، أرسل مخبر شقيقته إلى منطقة المعارضة للحصول على أسلحة. لكن المعارضة كشفت هويته، وأرسلت له رسالة تهديد عبر الهاتف: “إلى أين أرسلت أختك؟ هل تريد سلاحًا لتطلق النار على الجنود وأنت مخبر؟”.
تحليل الوثائق
على مدى يومين، قامت صنداي تايمز بتحليل الوثائق مع الالتزام بتغيير الأسماء والتواريخ لحماية الجهات المعنية. التقرير سلط الضوء على مدى التشابك بين الأجهزة الأمنية السورية والمجتمع، وكيف استخدمت النظام أدوات القمع والترهيب لبسط نفوذه.