تونس «ترضخ» لضغوط أوروبا باعتقال مئات المهاجرين
[ad_1]
في ظل استمرار الانتقادات الكثيرة الصادرة عن عدة دول أوروبية، ودعوة بعض الأحزاب اليسارية الممثلة في البرلمان الأوروبي إلى التراجع عن مذكرة التفاهم الموقعة مع تونس منتصف يوليو (تموز) الماضي، استنفرت السلطات التونسية قواها للحد من موجات الهجرة غير الشرعية إلى السواحل الإيطالية، حيث أعلن حسام الدين الجبابلي، المتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني (الداخلية التونسية)، عن تنفيذ الوحدة المختصة للحرس الوطني، والفوج الوطني لمجابهة الإرهاب، ومختلف الاختصاصات بالإدارات العامة لوحدات التدخل المركزي والجهوي، عملية إنزال جوي بجزيرة قرقنة (وسط شرق) بواسطة طائرات عمودية.
وقال الجبابلي إن الحملة الأمنية بالجزيرة استهدفت منظمي عمليات الهجرة غير النظامية، والوسطاء، مؤكدا أن العملية أسفرت خلال ليلة واحدة عن اعتقال 500 مهاجر غير شرعي، وحجز 6 مراكب حديدية كانت تستعد للانطلاق نحو السواحل الإيطالية.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد اجتمع أمس (الجمعة) بكل من كمال الفقي وزير الداخلية، وبعض القيادات الأمنية العليا، حيث تم التطرق مطولا للوضع في مدينة صفاقس وجزيرة قرقنة، سواء فيما يتعلق بالتدفق الكبير للمهاجرين غير الشرعيين على البلاد، وتواصل موجات الهجرة من مدينتي صفاقس والمهدية على وجه الخصوص نحو السواحل الإيطالية. كما اجتمع الرئيس سعيد خلال اليوم ذاته مع عماد مميش، وزير الدفاع التونسي، وتناول اللقاء خاصة دور القوات المسلحة العسكرية التونسية في تأمين الحدود.
في سياق ذلك، التقى وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، اليوم السبت، سفراء الاتحاد الأوروبي لدى تونس، حيث جرى استعراض واقع الشراكة القائمة بين تونس والاتّحاد الأوروبي، وسبل دعمها على ضوء مذكّرة التفاهم حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة الموقّعة بين الطرفين خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول المستجدّات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتأتي هذه التحركات إثر انتقادات لاذعة وجهتها السلطات الإيطالية لتونس، بسبب الأعداد الكبيرة للمهاجرين المتدفقة على جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، لدرجة أن بعض سكان الجزيرة باتوا يؤكدون أن عدد المهاجرين تجاوز عدد السكان، موضحين أن مراكز الإيواء لم تعد قادرة على استيعابهم، وهو ما دفع لتوجيه بعضهم إلى جزيرة صقلية الإيطالية.
وقال رمضان بن عمر، المتحدّث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية تعنى بملفات الهجرة)، إنّ السلطات الإيطالية أعلنت حالة طوارئ بسبب وصول عدد قياسي من المهاجرين، فاق 5100 شخص خلال 24 ساعة فقط. وكشف بن عمر لـ«الشرق الأوسط» أنّ إيطاليا «تحاول التركيز فقط على المهاجرين الذين يحملون الجنسية التونسية، والحال أنّ أعداد الواصلين منهم إلى إيطاليا انخفض بنحو 20% مقارنة بالسنة الماضية، وأصبحت تونس في المرتبة الثالثة لعدد الواصلين»، موضحا أنّ الغاية من هذا التصرّف «مزيد من الابتزاز لتونس، والدفع نحو تشديد المراقبة من قبل الوحدات البحرية التونسية».
وبشأن أزمة تكدس المهاجرين في جزيرة لامبيدوزا، عدّ بن عمر أنها «مرتبطة بمنظومة الاستقبال الإيطالية، وناتجة عن أزمة في عمق السياسات الأوروبية، وتوتر العلاقات بين تلك الدول»، مؤكدا أن أوروبا «قادرة على استيعاب مئات الآلاف من المهاجرين، لكن نظرا لإغلاق كل البوابات بات البحر الأبيض المتوسط البوابة الوحيدة للوصول إلى أوروبا، وأصبحت تونس وليبيا الوجهتين الرئيسيتين للمهاجرين» الراغبين في الوصول للأراضي الأوروبية.
وكشف المصدر ذاته عن تحويل ملف المهاجرين إلى «أداة للتجاذب السياسي، وسبب لتحميل تونس جزءا كبيرا من الأزمة بسبب الارتجال في القرارات، والانخراط في المقاربات الأمنية ضد المهاجرين»، عادا أن ما يحدث في صفاقس وجزيرة قرقنة، واستمرار تزايد أعداد المهاجرين بشكل متواصل، «يؤكدان صعوبة التعامل مع ملف الهجرة، وأن أي طرف لا يمكنه وحده إيجاد الحلول الملائمة للأزمة».