الحكومة التونسية تلاحق «المندسين» في القطاع العام
[ad_1]
كيف يُقيّم الليبيون أداء باتيلي بعد عام من مهمته الأممية؟
مر عام على تولي السياسي السنغالي عبد الله باتيلي مهامه مبعوثاً أممياً لدى ليبيا، وقد حظي بزخم كبير منذ قدومه إلى البلاد بوصفه أول أفريقي يتقلد هذه المهمة، لكن بعد انقضاء 12 شهراً على تقلُّد منصبه، بدأت الانتقادات تُوَجَّه إليه، وتحمِّله جانباً من تعقد الأزمة السياسية.
ورأى عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، أحمد الشركسي، أن باتيلي «ليست لديه أي خطط مكتملة لتنفيذ ما يطرحه أمام مجلس الأمن الدولي»، لافتاً إلى أنه تحدث في إحاطته نهاية فبراير (شباط) الماضي عن لجنة تسيير رفيعة المستوى للانتخابات، تضم مختلف الأطراف الليبية المعنية؛ لتضطلع بتيسير اعتماد إطار قانوني، وجدول زمني ملزم لإجراء الانتخابات خلال العام الحالي، لكنه «لم يفعلها رغم أنه حظي بدعم أطراف كثيرة».
وقال الشركسي لـ«الشرق الأوسط» إن باتيلي «لم يسحب ملف القوانين الانتخابية من مجلسي النواب و(الأعلى للدولة)، الذي ظل رهين خلافاتهما المتكررة قرابة العامين، واستمر في إمهالهما»، مشدداً على أنه «كان يتوجب على باتيلي أن يدعو قيادات المجلسين واللجنة لاجتماعات مباشرة على وجه السرعة، يقودها بنفسه لسرعة حسم أي نقاط خلافية حول القانونين، بدلاً من ترك الأمر مفتوحاً لتجاذبات المجلسين مجدداً».
ورأى الشركسي أن باتيلي «اكتفى بتقديم الملاحظات دون المساعدة في الوصول لحلول تمهد لتجاوز الانسداد السياسي، والاقتراب من حلم الانتخابات»، لافتاً إلى أن ذلك «أسهم في تأزيم الواقع الليبي، لدرجة دفعت إلى ازدياد الأصوات المطالبة بعدم التمديد له، على أساس أنه بات جزءاً من الأزمة لا الحل».
وفي إحاطته الأخيرة منتصف الشهر الحالي، جدد باتيلي الإشارة لخطته بإطلاق مسار تفاوضي، يضم ممثلين لكل القادة الرئيسيين في ليبيا بهدف حسم النقاط الخلافية بالقوانين، وفي مقدمتها إلزامية وجود جولتين للسباق الرئاسي، بغض النظر عما حصده المرشحون من نتائج في الجولة الأولى، وللتوافق أيضاً حول تشكيل حكومة موحدة تمهد للانتخابات، لكنه لم يحدد موعداً لتدشينها.
ووفق رؤية الأكاديمية الليبية، فيروز النعاس، فإن باتيلي «نجح في تجميد الوضع الحالي، انتظاراً لحسم الدول الغربية الكبرى لمواقفها حيال الملف الليبي». وتساءلت النعاس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن «أسباب تكرار باتيلي، ومن خلفه المجتمع الدولي، الحديث عن ضرورة تشكيل حكومة موحدة تمهد للانتخابات، والتوافق حول القوانين الانتخابية، دون تقديم أي ضغوط على الأطراف الفاعلة في ليبيا». ورأت أن هذا «يبرهن على عدم جدية الأمر برمته؛ خصوصاً أن باتيلي والدول الغربية تلك يدركون جيداً أن مجلسي النواب و(الأعلى) والأطراف الفاعلة كافة لا ترغب في مغادرة السلطة».
ورأت النعاس أن مواقف باتيلي «تتغير من فترة إلى أخرى، كإصراره منذ توليه مهمته على رفض تشكيل حكومة قبل الانتخابات، وفجأة في نهاية أغسطس (آب) الماضي بات يعد تشكيلها ضرورة».
ومن جهته، تحدث عضو مجلس النواب الليبي، صلاح أبو شلبي، عن تعقُّد الأزمة السياسية للبلاد قبل مجيء باتيلي، خصوصاً في ظل تضارب مصالح الدول الغربية الكبرى المتدخلة بالأزمة، مشيراً إلى أن المبعوث الأممي، رغم جولاته الكثيرة لدول غربية وإقليمية «لا يجيد التعامل مع التحديات والضغوط الدولية الكبيرة، بفعل الصراع في أوكرانيا، وما أعقبه من اتساع الهوة بين موسكو وواشنطن».
وقال أبو شلبي لـ«الشرق الأوسط» إن باتيلي «استغرق وقتاً طويلاً لفهم الوضعية الليبية رغم عقده مشاورات مع فرقاء الأزمة، وهذا كله عاقه عن أداء مهامه»، منوهاً بأنه «يصر على وضع ملاحظات على قانوني الانتخابية، التي هي ملكية ليبية، ما دفع البعض لاتهامه بتجاوز صلاحياته والمطالبة برحيله».
وكانت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الليبي قد طالبت في بيان، مطلع أغسطس الماضي، الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتأكيد على التزام المبعوث الأممي الخاص بصلاحيات منصبه. كما دفع تكرار حديثه عن تمثيل حكومة «الوحدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالمسار التفاوضي الذي يعتزم تسييره لاتهام البعض له «بالانحياز لرئيسها».
وبالمقابل، أشاد رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، عبد المنعم الحر، بدور البعثة تحت قيادة باتيلي في الاهتمام بالملفين الحقوقي والإنساني، بالإضافة إلى الوضع السياسي، مشدداً على أن نجاح أي مبعوث أممي «مرهون بتعاون الأطراف المحلية والدولية».
وقال الحر لـ«الشرق الأوسط» إن «البعثة تواصلت طيلة العام الماضي مع الحقوقيين والنشطاء في كل ما يتعلق بملف الاعتقالات والانتهاكات»، كما أجرت زيارات متعددة للسجون بشرق البلاد وغربها، وبرز هذا في إحاطات باتيلي، حيث انتقد الأوضاع بسجون الكويفية وقرنادة بالمنطقة الشرقية، ومعيتيقة بالمنطقة الغربية.
وأشار الحر إلى «حرص باتيلي على التركيز على قضية انتشار السلاح»، وإدانته الاشتباكات المتكررة بين التشكيلات المسلحة بالعاصمة، وبعض الخطوات التي رأى بها «قيوداً أو انتهاكاً لحقوق النساء بالبلاد».
كما ثمّن الحر تنظيم البعثة بالتنسيق مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) اجتماعاً عُقد منتصف مارس (آذار) الماضي، ضم عدداً من قادة الوحدات العسكرية والأمنية في المنطقتين الغربية والشرقية، في سابقة هي الأولى منذ تفجر الصراعات الأهلية بالبلاد في السنوات الأولى، بعد «ثورة فبراير 2011».