النظام العالمي؛ ونظام الملالي حليفين في صناعة محنة الشرق الأوسط
[ad_1]
يثير الادعاء بأن النظام العالمي والنظام الإيراني حليفان في صناعة محنة الشرق الأوسط جدلاً واسعاً، ولا يوجد اتفاق واضح حول هذه المسألة ومع ذلك، ويرى بعض الخبراء أن سعي النظام الإيراني لتحقيق الهيمنة الإقليمية ودعمه للمجموعات الوكيلة في المنطقة قد ساهم في خلق حالة من الاضطراب والصراع، وبالإضافة إلى ذلك فإن الأجندة القومية للنظام الإيراني وجهوده لتصدير الأيديولوجيا الثورية قد خلقت توتراً مع دول أخرى في المنطقة وخارجها.
تعاني منطقة الشرق الأوسط من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية منذ عقود، وقد ساهم النظام العالمي مع نظام الملالي في صناعة هذه الأزمات، ويتمثل النظام العالمي في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي السائد في العالم، وهو نظام قائم على الهيمنة الغربية، ويهدف إلى الحفاظ على مصالح الدول الغربية الكبرى، وقد لعب هذا النظام دوراً رئيسياً في صناعة محنة الشرق الأوسط وذلك من خلال:
• دعم الأنظمة الاستبدادية في المنطقة: حيث دعم النظام العالمي العديد من الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط، مثل نظام الملالي في إيران ونظام الأسد في سوريا، مما أدى إلى تقييد الحريات والديمقراطية في هذه الدول وزيادة الاحتقان الاجتماعي.
• التدخل العسكري في المنطقة: تدخل النظام العالمي عسكرياً في الشرق الأوسط مرات عديدة، مثل الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 ما أدى إلى تدمير الدول وخلق أزمات سياسية وأمنية واقتصادية وإنسانية.
• فرض العقوبات الاقتصادية على المنطقة: فرض النظام العالمي عقوبات اقتصادية على العديد من شعوب الدول في الشرق الأوسط، مثل إيران وسوريا مما أدى إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية في هذه الدول وزيادة الفقر والبطالة فوقع ضرر تلك العقوبات على الشعوب ولم تمس تلك العقوبات أنظمة تلك الدول بل أهلكت الشعوب وحسب.
ويتمثل نظام الملالي في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي في إيران، وهو نظام قائم على حكم المُدعين باسم الدين في إيران، ويهدف هذا النظام إلى نشر التطرف في العالم تحت شعار تصدير الثورة، وقد لعب هذا النظام دوراً رئيسياً أيضاً في صناعة محنة الشرق الأوسط وذلك من خلال:
• دعم الإرهاب: يدعم نظام الملالي العديد من الجماعات الإرهابية في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان وميليشيات عراقية ويمنية وغيرها مما أدى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة وزيادة العنف والإرهاب.
• التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة: يتدخل نظام الملالي في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن مما أدى إلى تفاقم الأزمات السياسية في هذه الدول.
• نشر التطرف المذهبي: ينشر نظام الملالي التطرف المذهبي في المنطقة مما أدى إلى زيادة حدة الصراعات الطائفية في المنطقة.
إن محنة الشعب الإيراني وشعوب الشرق الأوسط ليست وليدة التو والساعة وقد بدأت بوضوح في مرحلتها المعاصرة وبشكل مشترك في بداية القرن الماضي عندما تقاسم الروس والبريطانيين الهيمنة في إيران، وتقاسم البريطانيين والفرنسيين الهيمنة في المنطقة العربية وكان النظام العالمي قائما أيضاً وبدون إطاره الشكلي الجديد الأمم المتحدة إذ كان النفوذ والهيمنة والقرار للأقوى ولا زال، وكان لكل من كبار العالم آنذاك فلكٌ يدور فيه وضيعٍ لها خطوط حمراء ولكل من هؤلاء الكبار أدواته، وكان نظام الشاه المخلوع إحدى أدوات هذه القوى الإستعمارية التي كانت ولا تزال ركيزة من ركائز النظام العالمي، واليوم هي من يقرر ويمثل الشرعية الدولية وكيف تكون وتسير، وتستمر محنة إيران وشعبها إذ مكن النظام العالمي فرقة الملالي من القفز على السلطة في إيران وسلب الثورة والتسلط على رقاب الشعب الإيراني وشعوب ودول المنطقة منذ عام 1979 ليصبح الملالي الأداة الجديدة للنظام العالمي في الشرق الأوسط الذي يعيش وسط مناورة في قلب الجحيم حتى اليوم.
لقد آن الأوان اليوم ليتحلى هذا العالم بشيء من المنطق والعدل يعود بالفائدة على الجميع وعليهم قبل دول وشعوب المنطقة، وما يجب أن يُتبع اليوم في مواجهة إرهاب نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران وسياسة تصدير الفتن والحروب والإرهاب التي يتبعها هذا النظام هو أن تتجه الشرعية الدولية إلى مواجهة حقيقية لنظام ولاية الفقيه وجميع مخططاته (النظام ووجوده ومخططاته كحزمة واحدة) بدلا من سياسة الاسترضاء، وبدلاً من إعطاء الفرصة للعملاء السريين وجماعات الضغط التابعة لنظام الملالي الذين تتركز مهمتهم في نشر معلومات كاذبة ضد المقاومة الإيرانية وهم يعلنون كذباً أنه لا يوجد بديل لهذا النظام، وقيامهم وتفرغهم لشيطنة منظمة مجاهدي خلق، وتوجد قائمة بأسماء وعناوين المئات منهم في الدفتر الأخضر لـ أسد الله أسدي الدبلوماسي الإرهابي الذي أدانه القضاء البلجيكي وحكمه بـ 20 عام سجن وللأسف تم تسليمه للملالي بصفقة مشينة، وللأسف أيضاً لم يكشفوا مطلقاً عن قائمة الأسماء والعناوين هذه.
من المفترض أن تتحلى مواجهة ملالي طهران بشيء من الصدق والحزم خاصة بعدما كشفت الترويكا الأوروبية في بيانٍ لها في 14 سبتمبر أن هذا النظام احتفظ بأكثر من كمية اليورانيوم المخصب المسموح بها في خطة العمل المشتركة المتعلقة بالبرنامج النووي لنظام الملالي.
وعلى صعيد آخر واستناداً إلى رسائل البريد الإلكتروني لوزارة خارجية نظام الملالي تم الكشف مؤخراً عن أن ثلاثة مستشارين على الأقل لـ روبرت مالي الممثل الفاشل لإدارة بايدن في شؤون إيران؛ كانوا جزءاً من مؤامرة وزارة الخارجية الإيرانية للتأثير على سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، ومن ثم تم نشر شبكة واسعة من أولئك الذين كانوا على صلة مباشرة بنظام الملالي وقاموا بشيطنة مجاهدي خلق وتعزيز سياسة الاسترضاء مع نظام الملالي في وسائل الإعلام الدولية.
أصبح من الواضح للجميع الآن أن نظام الملالي هو التهديد الرئيسي للسلم والأمن العالميين، ومن مصلحة أوروبا وأمريكا ودول المنطقة أن تنأى بنفسها عن هذا النظام وتقف إلى جانب الشعب الإيراني، والأفضل والأصح والأجدر بالجميع بدلاً من إصدار التصريحات أن يقوموا باتخاذ إجراءات فعلية مناسبة وضروروية بدلا من استرضاء هذا النظام والتفاوض غير المُجدي معه إجراءات من قبيل:
– ضرورة إدانة جرائم النظام وانتهاكاته وتبني سياسة حاسمة ضده.
– تفعيل آلية الزناد ضد البرنامج النووي للملالي وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2231.
– وضع حرس الملالي على قائمة الإرهاب.
– الاعتراف بحق الدفاع المشروع عن النفس للشعب الإيراني.
– وضع كبارمسؤولي النظام وكافة المُشتبه في إدانتهم بجرائم ضد الإنسانية أو جرائم إبادة جماعية أو انتهاكات لحقوق الإنسان على القائمة السوداء.
– القضاء على بؤر النظام الأمنية والاستخبارية في شرق وغرب أوروبا بدلاً من التعاون معها وتسهيل أمر وجودها.
– وضع الميليشيات التابعة لنظام الملالي في العراق واليمن وسوريا ولبنان على قائمة الإرهاب.
كثير من الإجراءات التي يمكن اتخاذها بحق نظام الملالي وقادته لم يتخذها النظام العالمي، كثيراً من الجرائم التي لا تنتهي تم التغاضي عنها؛ فمتى ترى عدالة المجتمع الدولي النور بحق ما يرتكبه نظام الملالي في إيران والمنطقة والعالم، ومتى سيحمي هذا النظام العالمي شرعيته التي باتت محط استخفاف من قبل نظام ولاية الفقيه.
الحل:
من أجل حل أزمات الشرق الأوسط، لابد أن يعتمد النظام العالمي سياسة جديدة قائمة على العدالة والمساواة واحترام القوانين يكون أحد أهدافه الإطاحة بنظام الملالي في إيران، ودعم إقامة نظام ديمقراطي في هذا البلد.
الخاتمة:
يمكن القول إن النظام العالمي ونظام الملالي حليفان قديمان وشريكان في صناعة محنة الشرق الأوسط، ويسعى هذان النظامان إلى تحقيق مصالحهما الخاصة على حساب مصالح الشعوب في المنطقة مما أدى إلى استمرار الأزمات في الشرق الأوسط وتفاقم معاناة شعوب هذه المنطقة.
د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي