القذافي يحول "العدم" إلى"جمال عبد الناصر"!
[ad_1]
على الرغم من أن جلاء القوات البريطانية من ليبيا عام 1970 أنهى تواجدها العسكري في هذا البلد الذي بدأ بنهاية الحرب العالمية الثانية، إلا أن وكالة أنباء رويترز رأت حينها أيضا أن بريطانيا بانسحاب قواتها من ليبيا تركت شمال إفريقيا من دون جنود بريطانيين لأول مرة منذ احتلال مصر عام 1882.
كان يفترض أن تنتهي مدة سريان تلك الاتفاقية العسكرية التي وقعت في 26 يوليو عام 1953 بين الحكومة البريطانية وحكومة المملكة الليبية في عام 1973، إلا أن القذافي أصر على التخلص من القواعد الأجنبية في أسرع وقت.
اتفاقية عام 1953 سمحت لقوات بريطانية بالتمركز لمدة 20 عاما في قاعدة العدم الجوية الواقعة جنوب مدينة طبرق بشرق ليبيا إضافة إلى منشآت عسكرية أخرى تتمثل في ميادين للرماية بالقرب من مدينة بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية والواقعة إلى الغرب من طبرق.
القذافي الشاب المتحمس الذي وصل إلى السلطة ولم يتجاوز من العمر 27 عاما، خاطب البريطانيين عند انطلاق مفاوضات الجلاء بعد عبارات مجاملة قائلا: “أنصح المفاوضين بأن لا يضيعوا الوقت في مناقشة القضية من الناحية القانونية، والرجوع إلى نصوص المعاهدة.
إن المسألة المطروحة اليوم مسألة وجود قوات أجنبية في ليبيا، وليست معاهدة على الإطلاق، ويكفي أن الرجل الذي صدق عليها الآن في المنفى، والرجل الذي أعدها في المعتقل، والدستور الذي أجاز له بالتصرف هو الآن في سلة المهملات”، وشدد على أن “حرية ليبيا لازالت ناقصة مادام هناك جندي أجنبي فوق أرضنا”.
بعد مفاوضات لم تستمر طويلا تم إخلاء القواعد البريطانية في ليبيا لأول مرة منذ أن دخلت البلاد في عام 1943، وغادر حوالي 400 جندي بريطاني مدينة طبرق الليبية الساحلية بحرا إلى قبرص.
أنزل العلم البريطاني من قاعدة العدم بجنوب مدينة طبرق، وغير النظام الثوري الجديد في ليبيا في ذلك الوقت اسم القاعدة وأصبحت تسمى قاعدة “جمال عبد الناصر”.
جمال عبد الناصر الرئيس المصري بين عامي 1956 – 1970، كان دعا في 22 فبراير عام 1964 ليبيا المجاورة إلى تصفية القواعد العسكرية الامريكية والبريطانية على أراضيها، مشيرا إلى أن هذه القواعد تشكل تهديدا لبلاده في ضوء دعم البلدين لإسرائيل.
كان عبد الناصر يتمتع بشعبية كبيرة في ليبيا وتجد أفكاره القومية والثورية صدى هناك. يظهر ذلك من محاصرة مئات الليبيين قاعدة “ويلوس” الجوية الأمريكية في طرابلس خلال حرب الأيام الستة عام 1967 احتجاجا على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل. المحتجون قاموا بإغلاق بوابة القاعدة الضخمة وقطعوا إمدادات المياه عنها. الشرطة الليبية تدخلت حينها وقامت بتفريق المتظاهرين بالقوة وأعادت إمدادات المياه إلى القاعدة.
تلك القاعدة الجوية التي تعد الأكبر خارج الولايات المتحدة إضافة إلى أربع قواعد أخرى، طردت من ليبيا هي الأخرى، وكان ذلك في 11 يونيو عام 1970.
قاعدة “ويلوس” الجوية الأمريكية التي تحولت إلى مطار مدني في وقت لاحق يحمل اسم “معيتيقة” كان يتمركز بها في ذروة الوجود العسكري الأمريكي في ليبيا ما يقرب من 15 ألف شخص.
القاعدة الجوية الأمريكية كانت مزودة بدور للسينما وبمطاعم للوجبات السريعة، ومكتبة ومدرسة وصالات رياضية ومركز تسويق وحمامات سباحة، وكانت تتميز بمدرج بطول يزيد عن 3 كيلو مترات.
هذا الوضع دفع السفير الأمريكي في ليبيا حينها إلى وصف قاعدة “ويلوس” الجوية الأمريكية بأنها “أمريكا صغيرة.. على شواطئ البحر المتوسط المتلألئة”.
القذافي على الرغم من كل شيء، سبب للولايات المتحدة وبريطانيا منذ البداية الكثير من المتاعب، وحرمهما لمدة 42 عاما من حرية الحركة في شمال إفريقيا ومنطقة البحر المتوسط انطلاقا من أراضي بلاده. لاحقا دخل في معارك من مختلف الأنواع مع واشنطن ولندن، والسجال مع من كان يوصف بأنه “غريب الأطوار” انتهى بقتله في 20 أكتوبر 2011
المصدر: RT