الحلقة الأكثر إثارة للصدمة.. المذبحة الأمريكية في "سونغمي"
[ad_1]
تلك المجزرة الرهيبة التي تم التستر عليها لعام ونصف، أثارت غضبا عالميا بعد افتضاحها في نوفمبر عام 1969، وقد أسهمت أيضا في تعزيز مواقف الرفض الداخلية لتلك الحرب الوحشية والظالمة.
أطلقت وسائل الإعلام الأمريكية حينها على الجريمة اسم مذبحة سونغمي، وتُذكر أحيانا في الولايات المتحدة باسم مذبحة “إم لاي” فيما تعرف في فيتنام باسم مذبحة “سن إم”.
الطريق إلى مذبحة “سونغمي”:
كانت الكتيبة الأمريكية 1 التابعة لفوج المشاة 20 من الفرقة 23، تجري عمليات عسكرية ضد مقاتلي “الجبهة الشعبية لتحرير فيتنام الجنوبية” الذين كانت تطلق عليهم سلطات فيتنام الجنوبية وحلفائها الأمريكيون اسم “الفيتكونغ”.
كان المقاتلون الفيتناميون يشنون حرب عصابات على المحتلين الأمريكيين، وينصبون لجنودهم الكمائن، ويشنون هجمات مفاجئة ثم يحتفون في الأدغال وفي مخابئ تحت الأرض.
عشية تلك المجزرة، في 14 مارس 1968، قتل رقيب يدعى جورج كوكس من “سرية تشارلي”، وأثناء دفنه، ألقى النقيب إرنست مدينا خطابا حرّض فيه الجنود على الانتقام من العدو.
أبلغ هذا الضابط الجنود بأنهم سيقومون في الغد “بتطهير العديد من المناطق السكنية في بلدة سونغمي. هناك معلومات من مصادر موثوقة بأن الفيتكونغ يختبئون هناك. سننتقم منهم من أجل الرفاق القتلى، وبعد ذلك سنحرق جميع المنازل وندمر الماشية وجميع المحاصيل لمنع الثوار من استخدام كل ذلك”، ولم يأبه أحد بالمدنيين في القرية من نساء وأطفال وكبار السن.
انهالت قذائف شديدة الانفجار ومحملة بالفسفور الأبيض صباح يوم 16 مارس الباكر، وأصيبت ثلاث تجمعات سكانية في قرية سونغمي، وهي ميلاي وبنتي وميهي، ثم اقتحم حوالي 100 جندي أمريكي القرية الفيتنامية وأطلقوا النار على كل ما يتحرك في كل مكان بما في ذلك في حقول الأرز، في حين تزعم بعض التقارير أن 30 جنديا أمريكيا فقط شاركوا في عمليات القتل والتدمير.
راقب طيار أمريكي يدعى هيو طومسون كان يقود طائرة مروحية ما يجري من الجو، وأصيب الهلع من هول المذبحة، وسارع إلى الهبوط بطائرته بين مجموعة من الفلاحين كانوا يختبئون في خندق. يقال أن طومسون أمر أفراد طاقمه بإطلاق النار على جنود البحرية الأمريكية إذا هاجموا المدنيين الفيتناميين.
الطيار الأمريكي اتصل طالبا مروحيات لإجلاء المدنيين الفيتناميين الجرحى، وتم بالفعل إخلاء 11 شخصا، إضافة إلى طفل عثر عليه مختبئا في قناة للري بجانب عدد من المحتضرين والموتى.
لا يعرف العدد الدقيق للضحايا المدنيين في تلك المذبحة، إلا أن النصب التذكاري الذي أقيم لاحقا في القرية يضم أسماء 504 قتيلا تتراوح أعمارهم بيم العام و82 عاما، ونصف الضحايا تقريبا كانوا من الأطفال، ولم يعثروا هناك على أي مقاتل!
بعد عام ونصف، انكشفت تفاصيل المذبحة، ولم تعد السلطات قادرة على التكتم أكثر. في البداية طالت التحقيقات في “قضية سونغمي” 80 جنديا أمريكا، وجرى توجيه الاتهام إلى 25 منهم، لكن لم يمثل من هؤلاء أمام المحكمة العسكرية إلا 6 جنود فقط.
تقرر إجراء محاكمات فردية منفصلة، كي لا يحاول المتهمون إغراق بعضهم وإلقاء المسؤولين على الآخرين للنجاة. تمت تبرئة 5 من المتهمين بمن فيهم النقيب مدينا الذي دعا الجنود إلى الانتقام، لأنه اجتاز اختبار الكشف عن الكذب!
تحول الملازم ويليام كيلي إلى كبش فداء. كان هذا الضابط يردد خلال المحاكمة قائلا: “كنت أنفذ أوامر الكابتن ميدينا. أمرت بالذهاب إلى هناك وتدمير العدو. كانت تلك وظيفتي في ذلك اليوم. كانت تلك هي المهمة المحددة لي. لم يكن لدي وقت للجلوس والتفكير وفصل الرجال عقليا عن النساء والأطفال. رأينا الجميع بنفس الطريقة على أنهم جنود العدو”.
هذا الملازم أدين في 29 مارس عام 1971 بالقتل العمد لما لا يقل عن 22 شخصا، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة. وضع المدان في الإقامة الجبرية في انتظار إجراءات الاستئناف، ولم يقض يوما واحدا في السجن، على الرغم من تأكيد الحكم الصادر ضده من قبل محكمتين عسكريتين عاليتي الدرجة.
جرى في البداية تخفيض العقوبة إلى 20 عاما، ثم خفضت المدة إلى 10 سنوات، وبعد ذلك أفرج عنه في عام 1974 لأنه قضى ثلث العقوبة. الملازم الأمريكي المدان قضى ثلاث سنوات ونصف تحت الإقامة الجبرية لا أكثر، وزُعم أن العدالة تحققت!
المصدر: RT