اقتلاع الحلبوسي من المشهد السياسي العراقي يتحول إلى معضلة لخصومه

[ad_1]
2258df46 bdb7 41da 9522 3a54c6858783

أحرج نجاح حزب تقدّم بزعامة رئيس البرلمان العراقي المقال محمّد الحلبوسي في وضع مرشّحه شعلان الكريم في مقدّمة المتنافسين على رئاسة المجلس، القوى الشيعية المشكّلة للإطار التنسيقي والقوى السنيّة المتحالفة معها.

وأصبحت تلك القوى أمام معضلة اقتلاع الحلبوسي من المشهد السياسي العراقي، بعد أن أظهر الرجل قوة غير متوقّعة من خلال تحقيق حزبه لنتائج جيّدة في الانتخابات المحلية الأخيرة، واقترابه من الحصول مجدّدا على رئاسة البرلمان، وذلك رغم الانتكاسة الكبيرة التي مني بها عندما صدر في نوفمبر الماضي قرار قضائي بإنهاء عضويته في البرلمان بسبب “ثبوت” تورطه في قضية تزوير.

وتمكّن الكريم خلال جلسة عقدها مجلس النواب العراقي السبت للنظر في اختيار رئيس جديد له من التقدّم بفارق كبير على منافسيه، واقترب من الفوز بالمنصب ما جعل أحزاب الإطار والأحزاب السنية المتحالفة معه تضغط لقطع الجلسة في إجراء وصف بالتعسفي وغير القانوني.

ومثّلت نتائج التصويت في الجلسة المذكورة صدمة جديدة للقوى الساعية لتحييد الحلبوسي وتحجيم نفوذه، بعد أن تمكّن في السنوات الماضية من تأسيس قاعدة شعبية له في مناطق سنية بفعل البصمة التي تركها خلال توليه منصب محافظ الأنبار في مرحلة صعبة هي مرحلة خروج المحافظة وعدد من مناطق شمال وغرب البلاد من حرب داعش ومخلفاتها.

واعتمدت القوى المناوئة للحلبوسي على تورّطه في قضايا فساد واستغلال للمنصب في محاولتها لـ”إعدامه” سياسيا، لكن متابعين للشأن العراقي رأوا أن ذلك مجرّد ذريعة لضرب خصم سياسي عنيد، بغض النظر عن مدى صحّة التهم الموجّهة إليه من عدمها.

ويستدل هؤلاء بكون الغالبية العظمى من قيادات القوى السياسية الحاكمة في العراق بما في ذلك قيادات الإطار التنسيقي المشكّل للحكومة الحالية متورّطة في الفساد ما أدّى إلى قيام انتفاضة شعبية ضدّها سنة 2019 للمطالبة بمحاسبتها، من دون أن تجد تلك المطالبات طريقها للتنفيذ.

وتقول مصادر عراقية إنّ الخلافات التي نشبت بين الحلبوسي وعدد من قيادات الأحزاب والفصائل الشيعية كانت بسبب مناصب وزارية ومواقع إدارية في حكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني طالب بها حزب تقدّم كحقّ له، باعتباره قد ساعد الإطار التنسيقي في معركته ضدّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وفي انتزاع امتياز تشكيل الحكومة من يده بعد أن حقّق التيار نتائج جيّدة في الانتخابات التشريعية الماضية.

وتضيف المصادر أنّ تعاظم نفوذ الحلبوسي في الأنبار وعدد من المناطق السنية أقلق القوى الشيعية الراغبة في اختراق تلك المناطق أمنيا من خلال استدامة حضور ميليشيات الحشد الشعبي داخلها، وكذلك الاستفادة من الأموال المرصودة لمشاريع تنميتها وإعادة إعمارها.

وفي حين كان ينتظر أن تؤثّر إزاحة الحلبوسي من رئاسة البرلمان على نتائج حزبه في الانتخابات المحلية التي أجريت في ديسمبر الماضي، تفاجأ خصومه بتحقيقه نتائج غير منتظرة بحلوله أولا في محافظة الأنبار، وحصده أكبر عدد من المقاعد في العاصمة بغداد المحسوبة ضمن دائرة الأحزاب الشيعية.

وتجدّدت المفاجأة السبت، بفوز شعلان الكريم القيادي في حزب تقدّم على منافسيه الستة على منصب رئيس مجلس النواب. وتمّت الجلسة البرلمانية التي تواصلت أشغالها حتى ساعة متأخرة من ليل السبت- الأحد بحضور 314 نائبا من أصل 329 وتقدّم الكريم خلالها على سالم العيساوي مرشّح تحالف السيادة الذي حلّ ثانيا بواقع مئتين وإثنين وخمسين صوتا للكريم مقابل سبعة وتسعين للعيساوي.

وفي حين كان مرشّح تقدّم يتّجه إلى الفوز بالمنصب خلال الجزء الثاني من الجلسة بعد ورود أنباء عن انسحاب العيساوي وإعلان عدد إضافي من النواب السنّة عن نيتهم منح أصواتهم للكريم، تفاجأ الحضور بإعلان نائب رئيس البرلمان برفعها دون مبررات مقنعة.

وقال مصدر نيابي إن قرار رفع الجلسة جاء بضغط مباشر من القوى الشيعية والسنية المتعاونة ضد الحلبوسي وحزبه. وشبّهت البرلمانية سروة عبدالواحد تدّخلات دوائر النفوذ في سير أعمال مجلس النواب بأنّه “وحي ينزل بعد الساعة الثانية عشرة ليلا”. وأضافت في تعليق عبر منصة إكس “بدعة تعديل النظام الداخلي وإلغاء صلاحيات رئيس المجلس أثناء فقرة التصويت على اختيار الرئيس أدى إلى رفع الجلسة إلى إشعار آخر”.

واعتبر محما خليل النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني من جهته أنّ “رئاسة البرلمان اخطأت قانونيا وإجرائيا باتخاذها قرار رفع الجلسة إلى إشعار آخر، حيث أن الدستور ينص على انتخاب رئيس البرلمان في أول جلسة بعد خلو منصب رئيس مجلس النواب”.

وأضاف في تصريحات صحفية أن سبب تأجيل الجلسة جاء نتيجة لضغوط بعض القوى السياسية على نائبي رئيس البرلمان “بعد حدوث فوضى وخلافات بين المجتمعيين بعد ما كنا قاب قوسين أو أدني من حسم انتخاب رئيس البرلمان”.

واتهم النائب هيبت الحلبوسي نائبي رئيس البرلمان محسن المندلاوي وشاخوان عبدالله بعرقلة الجلسة. وقال عبر منصة إكس إنّ العرقلة تمت “على الرغم من اكتمال النصاب القانوني وانتظار النواب لساعات، الأمر الذي يؤشر على عدم التزام نائبي الرئيس بقانون المجلس ونظامه الداخلي ومساهمتهما في خلق الأزمات للحيلولة دون فوز رئيس يتولى إدارة المجلس ويضع حدا لاجتهاداتهما الشخصية”.

وما يزال الكريم يحظى بفرصة الفوز برئاسة البرلمان خلال الجلسة القادمة، لكنّ أحزاب الإطار التنسيقي بدت أكثر إصرارا على منعه من ذلك عبر لجوئها لاتّهامه بتمجيد نظام حزب البعث.

وعبّر أعضاء في تلك الأحزاب إلى تحويل التهمة إلى مسار قضائي ضد مرشّح حزب تقدّم بهدف إنهاء عضويته في البرلمان على غرار ما حدث لرئيس الحزب محمّد الحلبوسي.

إقرأ أيضا

اعتراف حكومي: لا ثقة للعراقيين بالنظام السياسي بسبب الفساد

وقال النائب فالح الخزعلي عن تحالف الفتح الممثل السياسي لميليشيات الحشد الشعبي، إنّ هناك أدلة وقرائن ووثائق تثبت تمجيد الكريم لنظام البعث “بما يجرح عوائل الشهداء وعوائل ضحايا المقابر الجماعية”.

وأضاف أن النواب المعترضين على ترشيح الكريم بوصفه مشمولا بقانون تجريم الانتماء إلى حزب البعث ومخالفا لنص المادة السابعة من الدستور “عرضوا هذه الوثائق على رئيس مجلس النواب بالنيابة محسن المندلاوي وطلبوا عرضها على لجنة المساءلة والعدالة”.

كما اتهم النائب يوسف الكلابي، الكريم بالإصرار على موقفه بـ”تمجيد النظام السابق”، وقال إنّ هناك “وثائق تثبت تنظيمه لمجلس عزاء لرئيس النظام السابق صدام حسين، والسعي للثأر له”، متعهّدا بـ”منع وصول الكريم إلى رئاسة مجلس النواب”.

وانضمت كتلة صادقون الجناح السياسي لميليشيا عصائب أهل الحق للحملة الفورية ضد شعلان الكريم، مؤكّدة على لسان نائبها أحمد الموسوي أنّها “لن تكون جزءا من تمكين بقايا البعث”، في حين أعلن نائب الكتلة علي الجمالي عن إقامة دعوى لدى المحكمة الاتحادية لإلغاء عضوية الكريم بسبب إخلاله بالدستور.

ويظهر استخدام تهمة الولاء للنظام السابق بشكل فوري وعاجل ضدّ مرشّح حزب تقدم لرئاسة البرلمان أنّ تلك التهمة جاهزة للرفع في أوجه خصوم ومنافسي قادة الأحزاب والميليشيات الشيعية، حالما يتحوّلون إلى خطر على نفوذ تلك الأحزاب والفصائل.

وتساءل مراقبون لماذا تمّ السكوت عن شعلان الكريم كل هذه المدّة وسُمح له بتولي مناصب في الحكومة المحلية بمحافظة صلاح الدين ولاحقا التمتّع بعضوية البرلمان، طالما هناك أدلّة إدانة صريحة ضدّه.

كذلك تثيرإمكانية استخدام المحكمة الاتّحادية ضدّ الكريم مثلما استخدمت سابقا ضدّ الحلبوسي التساؤلات حول مدى نزاهة القضاء العراقي وحصانته ضدّ استخدامه من قبل قوى بعينها في تصفية حساباتها ضدّ خصومها.

[ad_2]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى