حسابات ذات أخطاء قاتلة
[ad_1]
“مثال حرب غزة”
عبد اللطيف مجدوب
العقل البشري ، اليوم ؛ بالرغم من التراكمات المعرفية التي أصبح يمتلكها ؛ فإن إقدامه على عمل أو بالأحرى عملية في مجالات الحروب أو استئصال شأفة تنظيم مسلح ما يصطدم بحسابات ميدانية وجيوسياسية معقدة ، فقد يستحضر بعضهما ، وقد تغيب عنه أخرى ، ما يعرضه ؛ في نهاية المطاف وتنفيذ مخططاته ؛ إلى نتائج أو بالأحرى إلى أخطاء ومزالق كارثية ، مثلما وقعت فيه روسيا ؛ من خلال إشعالها لفتيل حربها على أوكرانيا ، فلم تكن بالمطلق تتوقع هذه الكوارث والقضايا الإنسانية التي جلبتها على المحيط الدولي ، رغم ترسانتها العسكرية المتقدمة وخبرائها العسكريين. لا شك أن تقديراتهم بعيدة المدى خانتهم بشكل لم يكن ليقع لهم في الحسبان ، ولم يكونوا يستحضرون تأليب العالم الغربي الحر ضدهم ، ولا دار في خلدهم بأن أمريكا وحلفاءها سيتصدون لمخططاتهم ونواياهم التوسعية.
حرب غزة وحساباتها القاتلة!
قيل بأن عملية “طوفان الأقصى” تم الإعداد لها بأشهر عديدة ، وربما فاقتها إلى السنتين أو أكثر ، وقد فاجأت ؛ في تاكتيكاتها وأساليبها ؛ بعض مسؤولي حركة حماس أنفسهم ، وقد بارك إشعال فتيلها كل الفصائل الفلسطينية دونما استثناء ، لكنها ؛ وبعد أقل من أسبوع من دوي صواريخ القسام في سماء تلأبيب وعسقلان… ستجري رياحها بما لا تشتهيه حماس ، ولم يكن تتوقعه بالمرة ، حيث أمعنت الآلة العسكرية الجهنمية الإسرائيلية تقتيلا وتدميرا وتهجيرا في صفوف مدنيي ساكنة غزة ، بل تحولت هذه الأخيرة بالكاد ؛ وفي غضون أسبوعين من القصف المتواصل؛ إلى قاع صفصف ، وظهرت غزة للعيان في صورة إبادة جماعية ، دون تمييز بين أخضرها ويابسها ولا بين نسائها وأطفالها وشيوخها وجرحاها.
وفي الساعات القليلة الماضية ؛ وحرصا من دول الغرب على إخفاء أمارات العار التي لحقتها جراء صمتها على مجازر غزة ؛ سمحت بممرات “إنسانية” إلى داخل غزة ، وكأن لسان حالها يقول “سمّنوهم قليلاً” قبل أن ترميهم بكل أنواع أسلحة الهلاك والدمار !
ثم يأتي التساؤل القاتل: لو كانت حماس ولا القسام ولا كل الفصائل الفلسطينية تعلم “مسبقا” بمجريات الأحداث وجنوحها إلى هذه الكوارث الدامية ، هل كانت ستقدم على “طوفانها الأقصى” ؟ هل كانت حماس وكل من يجري في فلكها ستقبل بثمن 5000 قتيل فلسطيني وتهجير مئات الآلاف منهم ، ودك أرض غزة مقابل “طوفانها الأقصى ؟!
إنها لحماقة أو نوع من السادية البغيضة قبول حماس بهذه الإبادة الجماعية في حق مواطنيها الفلسطينيين مقابل عمليتها ؟ فحسابات حماس امتلكتها حماسة قاتلة إلى أبعد الحدود ، وغذتها عاطفة مشبوبة لا تتماشى مع سلطان العقل والتقدير الموضوعي لمجريات الأحداث الميدانية ، وهل كان يدور في حساباتها أن العالم الحر ؛ هذه المرة ؛ سيمنح إسرائيل الضوء الأخضر لاقتلاعها ومحوها من ذاكرة المستوطنين ؟! هي فقط أشّرت على أن الغرب فقط سيكتفي بإصدار بيانات “الاستنكار والتنديد ، وضبط النفس” .
الحسابات الخرقاء والرعناء ؛ مثل هذه يمكنها أن تنسحب على العديد من بؤر التوتر في العالم ، كحرب روسيا على أوكرانيا والحرب الدائرة في السودان والنيجر..