أبو نشطان.. خازن بيت مال “السيد” 150 مليار ايردات سنوية تتزايد كل عام ب30 % .. هيئة الزكاة الحوثية.. ذراع لوجستية لتمويل حروب الجماعة على حساب الفقراء..(تقرير )
[ad_1]
في الأيام الأولى لتوليه رئاسة المجلس السياسي الأعلى للحوثيين في أبريل 2018 خلفاً لصالح الصماد الذي قُتل بغارة جوية للتحالف، أصدر مهدي المشاط قراراً باستحداث “الهيئة العامة للزكاة” وهي كيان طارئ، ضمن خطة وتصور زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي لإعادة تشكيل السلطة في المناطق التي يسيطر عليها وتركيز السلطات بيده عبر معاونين يختارهم مباشرة ولا يكون مقيداً بالهياكل الرسمية التي سيطرت عليها الجماعة في العام 2014.
ومنذ ذلك الحين، تصاعد اعتماد الجماعة على هيئة الزكاة لتصبح ذراعاً طويلة بيد الحوثي، وبمثابة هيئة إسناد لوجستية عالية القيمة للجماعة، تتخذ من الفقراء وبعض المشاريع الخيرية غطاءً لغسيل أموال الزكاة لصالح المجهود الحربي العسكري وإنفاق موارد الزكاة في مصارف تخضع لتفسيرات مذهبية من قبل زعيم الجماعة مما يتيح له وللهاشميين (آل البيت) الاستئثار بنصيب أكبر من أموال الزكاة.
منذ إنشائها، فرضت الجماعة ضوابط صارمة لتحصيل الزكاة وتوعدت كل من يتخلف عن تسليم الحصة التي تطلبها الجماعة بإغلاق شركاتهم ومنشآتهم، بل وفرضت عليهم نظاماً محاسبياً موحداً ورقابة صارمة، وفوق ذلك أجبرت كثيراً من التجار على دفع زكاة بأثر رجعي عن الأعوام التي سبقت سيطرة الجماعة على صنعاء باعتبار أنه كان هناك قصور، كما تحظى الهيئة بإسناد أمني قمعي لترهيب كل من يحاول الاعتراض أو تخفيف الأرقام الجائرة التي تفرضها الجماعة بمبرر الزكاة.
تغطي هيئة الزكاة حاليا كثيراً من نفقات الحوثيين العسكرية، تحت بند “مصرف سبيل الله”، كما تمول تحركات قادة الجماعة ومخصصات مقاتليها وأسرهم وتتكفل بعلاج جرحى جبهات القتال بالإضافة إلى عشرات المليارات تحوّل مباشرة إلى أمين صندوق مكتب قائد الثورة ليتصرف بها عبدالملك الحوثي كهبات ومكافآت وعطايا بحسب ما يراه، باعتبار أن له سهم “الرسول” من الخُمُس، وعلى يديه يمر مصرف “سبيل الله” باعتباره القائد العسكري الأعلى.
يلخص اهتمام الحوثي بمشاريع هيئة الزكاة على حساب مهام المؤسسات بالمرتبات وفرص العمل توجّه الجماعة لتحويل المواطنين إلى رعايا يستحقون الصدقات والشفقة وليس التزاما بالمرتبات والخدمات والحياة الكريمة للمواطنين، فيما يتحصل العناصر المنخرطون في الجماعة على امتيازات حصرية وطبقية تلغي المواطنة.
ويتضح من خلال استقصاء الأرقام للإيرادات خلال العام الماضي، وبمقارنتها بالنفقات والأنشطة المعلنة، فإن هيئة الزكاة تنفق ما نسبته أقل من 30% على الفقراء والمناسبات الجماعية التي تروج لها بشكل كبير جدا في الإعلام، فيما تذهب النسبة الأكبر نحو 60% كدعم لوجستي للمجهود العسكري للجماعة، ولقادتها وللهاشميين ولمكتب السيد. والجزء المتبقي تنفقه الهيئة كنفقات تشغيلية.
شمسان أبو نشطان.. خازن بيت مال “السيد”
عقب تشكيل الهيئة اصدرت الجماعة قرارا بتعيين رئيس ووكلاء، واختارت القيادي بالجماعة شمسان محسن أبو نشطان، الذي ينتمي إلى مديرية أرحب شمال صنعاء، فيما وكلاء القطاعات ينتمون إلى أسر هاشمية.
وقد حرص الحوثي على اختيار شخص لا ينتمي للأسر الهاشمية في منصب رئيس هيئة الزكاة، لكنه يثق بولائه وإخلاصه وإيمانه بالحق المطلق للهاشميين، وهو بهذا يهدف لتجنب الحرج والنقد بأن هاشميا يتولى أمور الزكاة ويصرفها على الهاشميين دوناً عن الناس.
شمسان هو الابن السادس لوالده محسن أبو نشطان الرجل الذي ظل متمسكاً بولائه لـ”آل البيت” والإمامة الزيدية وانخرط في نهاية السبعينيات مع الحزب الاشتراكي، ثم بعد الوحدة ترشح للبرلمان باسم المؤتمر، وفي نهاية التسعينيات أرسل نجله “شمسان” إلى صعدة للدراسة على يد علماء “آل البيت” هناك.
بعد اندلاع حروب صعدة عام 2004 أسّس أبو نشطان مركزاً تعليمياً للمذهب الزيدي في منقطته بوسان – أرحب، وذهب إلى علماء الزيدية في صنعاء أمثال مرتضى المحطوري ويحيى الديلمي ومحمد مفتاح لاستضافتهم للتدريس وإلقاء المحاضرات، ثم بعد سنوات ترك هؤلاء – وخاصة الديلمي- واعتبره زيدياً تقليديا، والتحق بالحوثي وتدرّج تنظيميا داخل الجماعة، ثم ظهر بعد 2011 بعضوية رابطة علماء اليمن التابعة للحوثيين، وتولى مهاماً لوجستية لمقاتلي الجماعة، حتى ظهر في 2018 كرئيس لهيئة الزكاة.
يخرج الرجل البدين أبو نشطان، بين فترة وأخرى للإعلام التابع للجماعة ليسرد أرقاما عن المشاريع التي تنفذها الهيئة ويتحدث كثيراً عن زيادة المشاريع وتفاصيلها، ولكنه يحصر ما يتحدث عنه في جوانب محددة ويهمل بقية المصارف ويعطي تسميات مُجتزأة للبنود المصروفة.
زيادة الإيرادات.. توزيع أقل على الفقراء..
بحسب مصادر خاصة لـ”المصدر أونلاين” فإن إيرادات الزكاة في مناطق سيطرة الحوثيين حيث يعيش 70% من السكان، بلغت خلال العام الماضي ما يزيد عن 150 مليار ريال، وهو رقم يزداد كل عام بمقدار لا يقل عن ٣٠% خلال الأربع السنوات الأخيرة، وفي المقابل، قامت هيئة الزكاة مؤخرا بحذف 260 ألف أسرة واستبعادهم من قاعدة بيانات الهيئة العامة للزكاة، وأبقت فقط على 147 ألف أسرة. وتصرف لهذه الأسر مرة واحدة في رمضان من كل عام مبلغا قدره عشرين ألف ريال يمني أي ما يعادل تقريبا 37 دولار أمريكي في سعر الصرف المعلن دوناً عن القيمة السوقية الحقيقية.
ومنذ إنشائها، أوقف الحوثيون صندوق الضمان الاجتماعي، الذي كان يتكفل منذ عقود بمخصصات شهرية “زهيدة” للمعسرين والفقراء، وكذلك، منعت التجار من تسليم أي زكوات أو تبرعات بشكل مباشر إلى أيدي الفقراء ومنعت أي مساعدات سوى ما تراه الهيئة.
يقول محمد صالح 34 عاما – أمانة العاصمة، قبل أن يأتي الحوثي كنتُ أحصل في كل عام على 4- 5 سلال غذائية على الأقل من فاعلي الخير والتجار والجمعيات إضافة إلى قسائم كساء وغيرها، أما الآن ومنذ خمس سنوات أحصل فقط على ٢٠ الف ريال مرة واحدة سنويا من هيئة الزكاة، ولم تُعتمد إلا بعد مراجعة لقرابة العام خسرت فيها نحو ٦٠ الف، معاملات ومتابعة لهيئة الزكاة.
وفي رمضان 2023، توفي نحو 80 شخصا في صنعاء وهم يتدافعون لاستلام مساعدة مالية من أحد التجار؛ الذي عوقب بعدها من قبل الجماعة لمخالفته بصرف مساعدات مباشرة دون اعتبار للضحايا وازدياد حدة الفقر والجوع بسبب رفض الجماعة صرف المرتبات منذ نحو 7 سنوات.
جشع في التحصيل:
فرضت الجماعة زكاة على كل شيء، من ملاحقة وإحصاء الماعز في الأرياف إلى بيع وشراء العقارات إلى غيرها، وفي العقارات يعد إقرار الزكاة على البيع والشراء الشخصي سابقة، وباتت تُخصم نسبة الزكاة رأساً من القيمة، ومنعت الجماعة الأمناء الشرعيين من تحرير أي وثيقة بيع أو شراء إلا بحصول مسبق على سند تحصيل الزكاة، وهو قرار أثار استياء كبيرا، سواء على المستوى الشعبي أو حتى من قيادات الجماعة، ووصل الحد بمفتي الجماعة شمس الدين شرف الدين إلى انتقاد هذا الخطوة في منبر صلاة الجمعة (مرفق الفيديو https://youtu.be/AbREpAN0Abs) وكذلك، فرضت الجماعة زكاة على صغار التجار في خطوات قاسية إضافة إلى ما تتحصّله من ضرائب وجبايات باسم المجهود الحربي والتصنيع العسكري والفعاليات السنوية المتعددة لتمويلها، مما يدفع الكثيرين إلى الإفلاس.
قانون الخُمس:
في عام 2020 اقرت الجماعة “اللائحة التنفيذية لقانون الزكاة“ومن بينها الخُمس الذي يخصص للهاشميين من آل البيت، وقدره 20% مما يسمى الرّكاز في الثروات المستخرجة من باطن الأرض مثل النفط والغاز والذهب والفضة والماء والملح والنيس، وكلما له قيمة من المعادن أو غيرها. وكذلك من كل ما يستخرج من البحر من الأسماك واللؤلؤ وغيرها وكذلك من العسل والأشجار..
ويأـتي إقرار الحوثيين للخمس ترسيخا للاعتقاد بالامتياز الطبقي وفرزا للمجتمع على أسس عرقية وإلغاء للمواطنة المتساوية.
بموجب هذا الاعتقاد الذي تحول إلى قانون، فإن من يدعون انتسابهم للأسر الهاشمية لا يعيشون نفس المعاناة مثل باقي اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب امتناع الجماعة عن صرف المرتبات منذ نحو 7 سنوات، كون هؤلاء “الهواشم” يحصلون على حصص وامتيازات مالية تكفيهم دونا عن باقي الشعب.
مصارف وأرقام.. (بحسب توجيهات السيد العلم)
لنأخذ العام 2023 كمثال، إذ قال أبو نشطان إن هيئة الزكاة وصلت إلى مستوى إنجاز بلغ التحصيل ما يزيد عن 120 مليار ريال (مصدر خاص قال إن الرقم الحقيقي 150 مليار) فيما يقدم أبو نشطان إحصائية عن المشاريع المنفذة بما يقارب 80 مليار ريال فقط، ولا يتحدث عن الجزء الآخر من الأموال، ورغم أن الـ80 مليار المعلنة, يذهب ما يقارب 60% منها إلى نفقات تخص المجهود الحربي والإسناد اللوجستي لجبهات القتال للجماعة، “بحسب توجيهات السيد العلم”، كما قال أبو نشطان في لقاء تلفزيوني سابق.
مثلاً:
أنفقت الجماعة 13 مليار ريال للمرابطين في الثغور (الجبهات) مقابل 4 مليار ريال للرعاية الاجتماعية للأيتام والمعوزين.
أيضا، أنفقت الهيئة، ما يقارب 10 مليار ريال نفقات علاجية شاملة جرحى الجماعة وسفر قياداتها والمحسوبين عليها إلى العلاج في الخارج، خاصة بعد فتح مطار صنعاء منذ عامين، ونسبة أقل من نصف المبلغ ذهبت لتمويل مستشفيات عسكرية ونقاط خدمات طبية في مداخل الجبهات.
لكن المواطنين الذين يقصدون مكاتب الهيئة للحصول على مساعدة علاجية ينتظرون لشهور وسنوات إلى أن يصل -لبعضهم- مبلغا زهيداً، رغم اكتمال الإجراءات وثبوت استحقاقهم، وكثير منهم يكتبون على وسائل التواصل أن مرضاهم توفّوا قبل أن تصرف الهيئة المساعدة العلاجية (صور تعليقات بتويتر لحالات عن هيئة الزكاة ومعاملاتهم المضنية).
تمويل الدورات الصيفية:
أنفقت الجماعة على تمويل المراكز الصيفية التي تنظمها للاستقطاب والتعبئة بمدخلات مذهبية تهدف لتقديس الحوثي وزرع مشروعه في عقول النشء، ما يقارب 8 مليار ريال باعتراف أبو نشطان نفسه، والأهم، أن الهيئة لا يمكن ان تقوم بدعم التعليم الرسمي أو تطبع مناهجه، رغم أن المدرسين يعملون طيلة العام بلا مرتبات وفي أوضاع سيئة لكن التعليم الرسمي لا يعد ضمن أولويات الجماعة.
مصرف الغارمين:
أنفقت الجماعة في مصرف الغارمين عشرة مليار و52 مليون ريال، لكن بحسب مصدر مطلع تحدث للمصدر أونلاين فإن الجماعة تفسّر بند الغارمين بأنه على نوعين: الأول المدين والمعسر، والنوع الثاني هم القيادات والوجاهات المجتمعية الذي يتحركون في المجتمع للإصلاح والخير وقيادة الناس، ما يعني أن نصف المبلغ على الأقل يذهب لتمويل تحركات القيادات الحوثية ومكآفات للمشرفين ومسؤولي التعبئة العامة وقيادات الصف الاول.
مصرف: سبيل الله
وهو أكبر مصرف تُحوّل إليه أموال الزكاة ويصرف للخزينة العسكرية للجماعة، وقد نشر موقع “يمن سايت” في 2020 وثائق عن صرف مبالغ طائلة بمئات الملايين لقيادات عسكرية بارزة مثل يوسف المداني وغيره من أموال هيئة الزكاة تحت مصرف سبيل الله. (أعاد المصدر أونلاين نشر المادة هنا.. https://almasdaronline.com/art…).
ورسميا تستقطع الجماعة ٢٥ % من الزكاة للحرب بشكل مباشر، جزء من هذا المصرف للتصنيع العسكري، ثم تستأثر أيضا بنسبة مماثلة أو أكثر، بشكل غير مباشر ضمن البنود الأخرى التي تذهب لـ”المرابطين”، المقاتلين وأسرهم والأمن والجرحى والقيادات…، فيما تذهب نحو ٢٠% كنفقات تشغيلية ولـ”العاملين عليها”، بحسب وثيقة القانون، وهو ما يثبت ضآلة النسبة التي تنفق لصالح الفقراء والمستحقين.
العاملون عليها.. اللجان المجتمعية:
شكلت الجماعة لجانًا مجتمعية في كل مربع وحارة وقرية، تشرف على توزيع الزكاة، وهذه اللجان بلغ عددها خلال 2023. 70 ألف عضو، وهؤلاء من الموالين للجماعة او المستهدفين بالاستقطاب، ويحصلون على مكافآت تحت بند العاملين عليها، وهو رقم كبير جدا قياسا بالمبالغ المصروفة للفقراء مرة واحدة كل عام.
وفي ظل تزايد حدة الجوع والفقر والفاقة عامًا بعد آخر في مناطق سيطرة الجماعة، إلا أن الجماعة تتبجح بتحصيل مليارات طائلة ومشاريع تنفق على الترويج لها أكثر مما تنفق على المشروع نفسه، وهو أمر يلخص استراتيجية الجماعة التي وصفها تقرير للغذاء العالمي نهاية عام 2018، بأنها “تسرق الطعام من أفواه الجوعى” وتذهب بكل شيء للسلالة وللحرب.