*فارس الكندي و دور المغترب اليمني في دعم السلام اليمني
*
حديث لمدير الشؤون الإدارية و العلاقات العامة في المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية.
في خلال عملي في لندن كنائب لرئيس الجالية اليمنية في فترة سابقة ثم مدير العلاقات العامة في الجالية اليمنية في لندن برئاسة الاستاذ المخضرم نبيل الهرش تبلور لنا أهمية دور المغترب اليمني.
يلعب المغترب اليمني دورًا بارزًا في دعم جهود السلام اليمني بفضل موقعه الفريد والموارد المتاحة له في الخارج، سواء في أوروبا أو الأمريكيتين أو في مناطق أخرى من العالم. يعتبر المغتربون اليمنيون جسراً هامًا بين الداخل اليمني والعالم الخارجي، وذلك من خلال تمثيلهم للثقافة اليمنية، تسليطهم الضوء على قضايا الوطن في المنصات الدولية، ودعمهم المادي والمعنوي لأسرهم والمجتمع في الداخل. وفيما يلي شرح مفصل لأدوارهم الرئيسية:
1. **الدبلوماسية الشعبية والدعم السياسي**
المغتربون اليمنيون، وخصوصاً في أوروبا والأمريكيتين، لديهم فرصة للوصول إلى صانعي القرار والمجتمع المدني في الدول المستضيفة. من خلال التحالف مع منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام والمنصات الأكاديمية، يمكنهم تقديم أصواتهم للتأكيد على أهمية إنهاء النزاع في اليمن وتحقيق السلام المستدام.
يتمكن المغتربون من استغلال الحرية الإعلامية والسياسية في تلك الدول للتأثير على مواقف الحكومات والسياسيين الغربيين من النزاع اليمني. فالتظاهر السلمي، تنظيم حملات إعلامية، وكتابة مقالات أو نشر تقارير حقوقية حول الوضع في اليمن، كلها طرق فعالة يعبر فيها المغتربون عن رغبتهم في إنهاء الصراع.
2. **دعم جهود الإغاثة الإنسانية**
تشكل الجاليات اليمنية في الخارج مصدرًا رئيسيًا للمساعدات الإنسانية التي تُرسل إلى اليمن. على مر السنين، نظم المغتربون حملات جمع تبرعات لدعم السكان المتضررين من الحرب، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في الغذاء، الأدوية، والمياه النظيفة.
المغتربون في أوروبا والأمريكيتين لديهم وصول إلى شبكات دولية تساعد في نقل الموارد المالية والمساعدات الإنسانية. العديد منهم يعملون بشكل مباشر أو غير مباشر مع المنظمات الدولية أو الهيئات المحلية لتنظيم وتوزيع هذه المساعدات بشكل فعال.
3. **تعزيز المصالحة الوطنية**
بسبب انفصالهم الجغرافي عن الأحداث اليومية في اليمن، يمكن للمغتربين أن يلعبوا دورًا محايدًا نسبيًا في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة. على سبيل المثال، يمكنهم المساهمة في فتح قنوات حوار بين القبائل أو الفصائل السياسية المختلفة في الداخل، بهدف دعم الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار والبدء في عملية السلام.
بعض المغتربين اليمنيين يمثلون نخبًا تعليمية وفكرية تعمل من الخارج لإيجاد حلول مبتكرة لإحلال السلام في اليمن. عبر الدراسات، الأبحاث، والندوات التي يعقدونها، يقدم هؤلاء المغتربون رؤى وحلولاً للمشاكل الاقتصادية والسياسية التي يعاني منها اليمن.
4. **دور اقتصادي مستدام**
المغتربون اليمنيون يساهمون في دعم اقتصاد البلاد المتدهور من خلال تحويلاتهم المالية التي تشكل شريان حياة لآلاف الأسر اليمنية. هذه التحويلات المالية، التي تصل إلى مليارات الدولارات سنويًا، تساهم في تخفيف حدة الفقر وتساعد على استقرار الأسر في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
إضافة إلى ذلك، يساهم المغتربون في نقل المعرفة الاقتصادية وإمكانيات الاستثمار إلى الداخل اليمني، من خلال تأسيس شركات صغيرة أو استثمارات في القطاعات الزراعية والصناعية والخدماتية.
5. **التعليم والتوعية**
يلعب المغتربون اليمنيون دوراً مهماً في نشر الوعي حول الأوضاع الإنسانية والسياسية في اليمن من خلال الندوات الأكاديمية والمبادرات التعليمية التي تقام في الخارج. كثير من المغتربين أسسوا مراكز ثقافية ومؤسسات تعليمية تهدف إلى تعزيز الهوية اليمنية والربط بين الأجيال الشابة في الخارج مع تراثهم اليمني.
كذلك، يمكن للمغتربين الذين يعيشون في دول متقدمة تعليمياً أن يساهموا في تقديم حلول تعليمية وتكنولوجية تعزز من التعليم في اليمن، خاصة في ظل تدهور النظام التعليمي بسبب الصراع.
6. **المشاركة في عمليات إعادة الإعمار**
في مرحلة ما بعد الحرب، سيكون للمغتربين اليمنيين دور محوري في إعادة إعمار اليمن، سواء من خلال استثماراتهم أو خبراتهم الفنية والهندسية. هم جزء من عملية إعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها الحرب، سواء عبر الدعم المادي أو من خلال المشاركة في تصميم وتنفيذ المشاريع التي تساهم في استقرار الوضع الاقتصادي والاجتماعي في اليمن.
الخلاصة
يشكل المغتربون اليمنيون عنصرًا مهمًا في معادلة السلام والاستقرار في اليمن. سواء من خلال التأثير على المجتمع الدولي، تقديم الدعم الإنساني، أو المشاركة في عمليات الحوار الوطني والمصالحة، فإن جاليات اليمن في الخارج تعد شريكاً رئيسياً في كل جهد يسعى لإنهاء الحرب وإعادة إعمار البلاد.